عالم بلا حدود magex007
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا بك من جديد يا زائر ونتمنى لك قضاء وقت مفيد وممتع معنا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ملوك الطوائف فى الاندلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:18 am

ملوك الطوائف :





هي فترة تاريخية في الأندلس بدأت بحدود عام 422 هـ لما أعلن سقوط الدولة
الأموية في الاندلس ، مما حدا بكل أمير من أمراء الأندلس ببناء دويلة
منفصلة.

في العقدين 1020، 1030 سقطت الخلافة بسبب ثورة البربر ونشوء ملوك الطوائف
الذين قسموا الدولة إحدى وعشرين دولة، منهم غرناطة وأشبيلية والمرية
وبلنسية وطليطلة وسرقسطة و البرازين والبداجوز. وبينما ورثت تلك الدويلات
ثراء الخلافة، إلا أن عدم استقرار الحكم فيها والتناحر المستمر بين بعضها
البعض جعل منهم فريسة لمسيحيي الشمال.



من ملوك الطوائف ما يلي:



بنو الأفطس المدينة : بطليوس



الحكام وفترة الحكم ::



عبدالله المنصور 413هـ -437 هـ



محمدالمظفر بن عبدالله المنصور 437هـ - 461هـ



يحيى المنصور بن محمدالمظفر 461هـ -464هـ



عمر المتوكل بن محمدالمظفر 464هـ -488هـ





بنو الأفطس ويعرفون ببني مسلمة: من ملوك الطوائف 1022-1094 م. مقرهم كان
مدينة بطليوس. بنو الأفطس هم سلالة بربرية الأصل. كان مؤسس السلالة عبد
الله بن مسلمة من كبار رجالات الحكم الثاني الخليفة الأموي. اقتطع لنفسه
إمارة بطليوس بعد أفول الخلافة بقرطبة، تمكن بنو الأفطس بعدها لبعض
الفترات من تملك غرب إسبانيا وجزء من البرتغال. على مدى ثلاثة أجيال من
الحكام عبد الله (1022-1045 م)، المظفر (1045-1065 م) ثم عمر المتوكل
(1065-1094 م) تمتع هؤلاء بثقافة عالية و كانوا من رعاة الآداب والعلوم.
كانت بينهم وبين بني عباد حكام إشبيلية حروب انتهت باستيلاء الأخيرين على
جزء كبير من مملكة بني الأفطس. أصبحوا في نهاية أمرهم يؤدون الجزية إلى
مملكة قشتالة إلى أن قضى عليهم المرابطين

بنو غانية المدينة : ميورقة نواحي متفرقة على سواحل غربي الجزائر وتونس





بنو غانية سلالة بربرية من ملوك الطوائف في الأندلس، حكمت في ميورقة مابين
1126-1203 م. ثم في نواحي متفرقة على سواحل غربي الجزائر وتونس حتى سنة
1236 م.



يرجع أصل بنو غانية إلى قبيلة صنهاجة البربرية. مؤسس السلالة علي بن يوسف
المسوفي كان من رجال دولة المرابطين، زوجه يوسف بن تاشفين من امرأة من أهل
بيته تدعى غانية، كما تولى بنفسه تربية أولاده بنفسه، ثم عقد لكل منهم على
إمارة خاصة عند بلوغهم. ولي محمد بن علي بن يوسف (ابن غانية) على الجزائر
الشرقية (ميورقة ومنورقة واليابسة)، فيما تولى أخوه يحي ولاية قرطبة. بعد
سقوط دولة المرابطين استقل أبناء محمد بن غانية بإمارة الجزر الشرقية.



قرر بنو غانية أن يعيدوا مجد دولة المرابطين -أخوالهم- وأن يستردوا ما
أمكن من المناطق من أيدي الموحدين. قام اثنين من أفراد هذه الأسرة وهما
علي بن اسحاق (1184-1185 م) ثم يحيى بن إسحاق (1187-1203 م) من بعده
بالاستيلاء على العديد من المدن في شرق الجزائر ومقاومة النفوذ الموحدي
فيها. استطاع الأخوان الصمود لأكثر من عشرين عاما في وجه حملات الجيوش
الموحدية. دامت المرحلة الأولى والتي عرفت سيطرت بني غانية على مناطق شرقي
الجزائر حتى مقتل على بن إسحاق سنة 1227 م. تابع يحيى بن إسحاق جهود أخيه
حتى وفاته سنة 1236 م.



كان الموحدون قد قضوا على فرع بني غانية في ميورقة سنة 1203 م، وولوا
الأمراء عليها، استمر حالهم حتى قدوم جيوش "يوحنا الأول" ملك أرغونة،
فسقطت الجزائر الشرقية في أيدي النصارى سنة 1287 م.



فر بعض آل غانية إلى أفريقية (تونس حاليا) وشكلوا خطرا كبيرا على الدولة الموحدية وكانوا من الأسباب التي ساهمت في سقوطها

بنو عامر المدينه :برشلونة ثم شنت يعقوب ثم في المغرب

العامريون، بنو عامر هم سلالة تولت الوزارة أو الحجابة للخلفاء الأمويين
في الأندلس 978-1009 م. من ملوك الطوائف في بلنسية 1016-1085 م.



سلالة عربية الأصل -من القحطانيين-ويرجع نسبه الى اليمن . مؤسس السلالة
محمد بن أبي عامر المنصور (978-1002 م) وابنه البكر عبد الملك بن محمد
(1002-1008 م) استطاعا و بعد حملات ناجحة في شمال الأندلس -الاستيلاء على
برشلونة 985 ثم شنت يعقوب 997 م) ثم في المغرب -الاستيلاء على فاس 986 م-
أن ينعشا الخلافة ولو لآخر مرة. بعد مقتل ابنه الأصغر عبد الرحمن عام 1009
م والذي سيطر على الخلافة، هرب ابنه عبد العزيز (1021-1061) إلى بلنسية
-كانت تحت أيدي لأحد أتباعه منذ 1016-، حيث أصبح هو و خلفائه من بعده ملوك
للإمارة الجديدة. بين سنوات 1065 و1061 أجلاهم بنو ذي النون -أصحاب
طليطلة- عن بلنسية، ثم مرة أخيرة عام 1085 م. كان للعامريين أتباع كثيرون
بعضهم حكم بشكل مستقل كما في المرية 1012-1041، مرسية ودانية 1019-1076،
طرطوسة 1038-1061 و جزر البليار 1016-1114 م

بنو عباد



سلالة عربية الأصل يرجع بها النسب إلى قبيلة لخم إحدى قبائل العرب اليمانية التي قطنت العراق قبل الاسلام و أسست دولة المناذرة



كان أول ملوكها أبو القاسم محمد بن عباد (1013-1042) قاضياً على إشبيلية
عند أفول الخلافة بقرطبة - كانت الخلافة قد أصبحت إسمية و السلطة الفعلية
بأيدي بني حمود العلويين - فاستولى على الحكم فيها. في عهد ابنه أبو عمر
المعتمد (1042-1091) الذي كان من أهم رعاة الآداب و مشجعاً للعلوم، أصبحت
إشبيلية مركزاً و عاصمة للثقافة الراقية بين كامل ممالك الطوائف كما كانت
أيضاً من أقوى هذه الممالك، فدخلت العديد من المدن في سيادتها، كحويصة
العام 1052، الجزيرة 1058 و قرطبة 1069 ثم 1078.

وهـــــــم افضل ملوك الطوائف وسوف اتعمق في سيرتهم





المعتمد بن عباد" ملك أشبيلية، كانت فيه أخلاق الملوك وكان له سمت الملوك
وطريقتهم وهيبتهم. كان ممدحاً كريماً، وكان شاعراً حكيماً أديباً، وكان
ينتمي إلى أصل عربي عريق إذ كان من نسل المنذر بن ماء السماء؛ اسمه محمد
بن إسماعيل بن عباد، وجده عباد قاضي أشبيلية، ثم قوي نفوذه حتى صار ملكها.



ثم جاء بعده ابنه المعتضد وتلاه حفيد المعتضد الذي نحن بصدد سيرته، فكان
فارساً معلماً شجاعاً، وعالماً أديباً محسناً جواداً كبير الشأن وكان أفضل
ملوك بني عباد الذين حكموا أشبيلية. ذكره ابن خلقان فقال: كان أندى الملوك
راحة وأرحبهم ساحة. وكان بابه محط الرجال وكعبة الآمال. وله شعر غاية من
الحكمة والرصانة والجمال.







وقد عاش ابن عباد في أيام ملوك الطوائف وهم ملوك تقاسموا الدولة الأموية ((الدولة العامرية))



في الأندلس وحكم كل واحد منهم جزءاً أو دويلة حتى بلغ مجموع تلك الدويلات
إحدى وعشرين دولة، لكل دولة منها عرش وملك وجيش ضعيف وكان يعيش بين تلك
الدول ملك نصراني متعصب شديد العداوة للإسلام وكان خبيثاً نهازاً للفرص
إذا رأى خلافاً بين ملكين من ملوك الطوائف غذاه بالدسائس حتى أوقع العداوة
بين كثير منهم، ولما رأى ضعفهم وتفرقهم فرض على كل واحد منهم جزية يؤديها
للدولة المسيحية.



وكان من ضمن من أدوا له الجزية المعتمد بن عباد ملك أشبيلية ولما رأي ذلك
الملك النصراني أن ملوك المسلمين يظهرون له خضوعاً وتذللاً هجم على طليطلة
فاجتاحها واحتلها رغم أنف صاحبها القادر بن ذي النون، ثم أراد أن يهين
المعتمد بن عباد فأرسل له رسولاً ومعه خمسمئة فارس يحمل رسالة تهديد من
الفونسو بأن على المعتمد أن يتنازل عن حصون معينة وأن الجزية وحدها لا
تكفي وحشد الرسالة بالتهديد الوقح فثارت في المعتمد شهامة الإسلام وجمع
العلماء فاتفقوا على الاستنجاد بزعيم المرابطين "يوسف بن تاشفين" في
الشمال الأفريقي وتم القرار في الحال، فأمر المعتمد بقتل الفرسان النصارى
جميعاً وضرب الرسول وبصق في وجهه فعاد كاسفاً ذليلاً، وفي الحال أصدر بن
تاشفين نداء بالجهاد فتسابق شباب المسلمين إلى ساحة الشرف وأقبل المطوعون
من أرجاء البلاد حتى ازدحمت البلاد بالمجاهدين المسلمين، وأقبل الفونسو في
أربعين ألف جندي وكتب إلى أمير المسلمين ابن تاشفين يتهدده فكتب له على
ظهر خطابه (جوابك هو ما سوف ترى) ثم التقى الجمعان في مكان قريب من
بطليموس على حدود البرتغال في سهل واسع من الأرض يقال له الزلاقة.



وبالمناسبة فقد كان العالم الذي اتخذ القرار الحاسم بدعوة المرابطين إلى
الأندلس هو الشيخ القاضي "عبدالله بن محمد بن أدهم" رحمه الله، فهو الذي
اتصل بزعيم المرابطين واستصرخه لإنقاذ المسلمات من أسر ذلك المعتدي، وكانت
استجابة ابن تاشفين سريعة مذهلة، فقد أقبل في قرابة مئة سفينة ونيف وعشرين
ألف جندي واندفع إلى سهل الزلاقة فوجد المعتمد بن عباد قد سبقه وقضى ليلة
كاملة يهاجم وتنهشه الجراح وفي اللحظة المناسبة وصل المرابطون وقائدهم إلى
قلب المعركة وتكامل عدد الكفار خمسين ألفاً وأرسل الفونسو إلى ابن عباد
يقول له: اليوم الجمعة وهو عطلتكم، وغداً السبت وهو يوم اليهود واليهود
موظوفون عندي، وبعده الأحد وهو يومنا فيكون ملتقانا الاثنين

قالها وهو ينوي الغدر والإيقاع
بالمسلمين يوم الجمعة؛ لكن الملك المعتمد أدرك الحيلة فلما هجم الغدار وجد
المعتمد يقظاً مستعداً فقامت معركة يشيب لهولها الولدان وأبلى المعتمد
بلاْ عظيماً ووصل ابن تاشفين في أصعب المواقف فانقض على الجيش الغادر
كالصاعقة وشُده النصارى وزلزلوا زلزالا شديداً وأخذتهم سيوف المعتمد من
خلفهم وسيوف ابن تاشفين من بين أيديهم ووضع فيهم السيف فلم يفلت منهم أحد
وهرب القائد النصراني في بضعة رجال وكانت الواقعة في يوم الجمعة الأولى من
شهر رمضان حيث قتل جميع الجيش النصراني فلم يعد منهم سوى ثلاثمائة رجل
(وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ واللهانَ اللَّهُ قَوِيًّا
عَزِيزًا)



وكان أمير المسلمين ابن تاشفين في أول الأمر يحترم المعتمد بن عباد ويقول
هو ضيفنا، ولكن نفراً من المغرضين أوقعوا بين المعتمد وابن تاشفين ووشوا
إلى ابن تاشفين أن المعتمد يميل إلى الترف ولم يزالوا بابن تاشفين حتى
أوغروا صدره على المعتمد فتنكر للصداقة والحلف وأمر بقتل ولدي المعتمد ثم
قامت معركة عنيفة بين أهالي أشبيلية وبين البربر انتصر فيها المعتمد أول
الأمر لكن الدائرة دارت عليه فأسره جيش ابن تاشفين بعد أن أبلى في الدفاع
عن مملكته أعظم البلاء، ونزل المعركة بدون شيء يصد عنه وقع السهام سوى
قميص أبيض وقد رماه أحد الجنود البربر بحربة فتظاهر أنه أصيب ثم انقض على
الرجل فطوح به وقتله وقد قال في تلك المعركة أبياتاً حين دعاه أحد
المشفقين عليه إلى الخضوع والمصالحة فقال:



قالوا الخضوع سياسة



فليبد منك لهم خضوع



وألذ من طعم الخضوع



على فمي السم النقيع



قد رمت يوم قتالهم



ألا تحصنني الدرو



وبرزت ليس سوى القميص



عن الحشاشي دفوع



أجلي تأخر لم يكن



بهواي ذلي والخشوع



ما سرت قط إلى القتال



وكان من أملي رجوع



شيم الأولى أنا منهمو



والأصل تتبعه الفروع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:19 am

وقد انتهى أمر المعتمد رحمه الله
أن وقع في قبضة ابن تاشفين فحبسه في سجن أغمات في المغرب القريبة من اطراف
مراكش فقيراً مجرداً من ماله، وأظله عيد وهو في السجن فقدم إليه نفر بناته
فرأين سوء حاله في السجن والقيد، فقال رحمه الله يصف هذا المشهد الذي يقطع
نياط القلوب:





فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا





فجاءك العيد في أغمات مأسورا





ترى بناتك في الأطمار جائعة





يغزلن للناس ما يملكن قطميرا





برزن نحوك للتسليم خاشعة





أبصارهن حسيرات مكاسيرا





يطأن في التراب والأقدام حافية





كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا





من بات بعدك في ملك يسر به





فإنما بات الأحلام مغرورا





وقد زاره في السجن شاعر ممن كانوا يمدحونه أيام ملكه وألقى على مسامعه
قصيدة في مدحه فبحث عن مكافأة يقدمها له فلم يجد سوى عشرين دينارا فأرفقها
بأبيات اعتذار وقدمها للشاعر لكن الشاعر ردها تقديرا لظروفه وكان مما ورد
في أبيات القصيدة:



بكى آل عباد ولا كمحمد



وأبنائه صوب الغمامة إذ همى



صاحبهمو كنا به نحمد السرى



فلما عدمناهم سرينا على عمى



وكنا رعينا العز حول حماهم



فقد أجدب المرعى وقد أقفر الحمى



كأن لم يكن فيها أنيس ولا التقى



بها الوفد جمعاً والخميس عرمرما



تضيق عليَّ الأرض حتى كأنني



خلقت وإياها سواراً ومعصما



بكاك الحيا والريح شقت جيوبها



عليك وناح الرعد باسمك معلما



سينجيك من نجىّ من الجب يوسفا



ويؤويك من آوى المسيح ابن مريما
وهذا ما كتب على قبر المعتمد رحمة الله والى جانبة زوجته الوفية اعتماد الرميكية



قبرَ الغريــب سقاك الرائـــحُ الغــادِي

حقـــــا ظفــــرتَ بأشلاء ابــن عبـــّادِ

بالحِلْم، بالعلـم، بالنُّعمــى إذا اتصـلت

بالخِصب إن أجدبوا، بالرّيّ للصّـادِي

بالطّاعنِ،الضاربِ،الرّامي إذا اقتتلوا

بالمــوت أحمرَ، بالضّرغامة الـعـادِي

بالدهر في نِقـــــَم، بالبحـــر في نِعــَم

بالبدر في ظُُلمٍ، بالصّدر في النّــــادِي

نعــــم، هو الحــــق وافانـــي بـه قـدرٌ

مـــن السمـــاء، فوافانـــي لميعــــــادِ

ولم أكن قبـــل ذاك النّعـــش أعلمــــُه

أنّ الجبــــال تَهــــادى فوق أعـــــوادِ

كفاك، فارفُق بما استودعت من كـرم

روّاك كـلّ قَطــــوب البـــرق رعــــــّادِ

يبكــي أخـــاه الذي غيّبــــتَ وابلـَـــــه

تحت الصفيح، بدمع رائـــح غـــــادِي

حتى يجودك دمــعُ الطــّلّ منهمــــــرا

من أعين الزهــر لم تبخل بإسعــــــادِ

ولا تــــزل صلــــوات الله دائمـــــــــة

علــى دفينــــك لا تُحصـــى بتعــــــدادِ



انتهى

انتظروا باقي ملوك الطوائف

هذة الخريطة بعد سقوط بعض المدن في ايدي الفونسو وبالاخص مدينة طليطلة
ملوك الطوائف فى الاندلس Spain02xh7

صورة توضع المدن الأندلسية

ليست قراءة التاريخ والوقوف على حقائقه بدقة بالأمر الهين. وليس تحديد
عوامل سقوط أمة أو حضارة شيئاً في متناول اليد، فالأمر في الحقيقة أشق
بكثير مما نظن. ولا تأتي صعوبة هذا الأمر من مدى إمكانية التحقق من حدوث
الوقائع التاريخية فحسب، ولكن من إمكانية قراءتها قراءة راشدة دقيقة،
فالناس حين يقرؤون التاريخ لا يقرؤونه على نحو مباشر، وإنما من خلال
(إشكالية) كوّنوها لأنفسهم، ولذا فإن تفسير الحقائق يتوقف إلى حد بعيد على
المعتقدات والمبادئ والخلفيات الثقافية للمفسرين. وهذا يعني أن علينا أن
نرضى بموضوعية ناقصة ونتائج نسبية الصواب. ومشكلة التاريخ أنه يتأبى على
الخضوع للتجربة، فنحن لا نستطيع أن نجزم هل لو أن أهل الأندلس لم يغرقوا
في النعيم أو لم ينقسموا على أنفسهم، أو لم يصيروا من الهجوم إلى
الدفاع... هل كانت أعمار دولهم ستطول أكثر مما كانت عليه؟

وذلك لأن أسباب السقوط عديدة، ولا نعرف على وجه التحديد شكل النتائج إذا تخلَّف واحد منها.

وتدل شواهد الماضي والحاضر على أن قراءة التاريخ عقيمة بالنسبة إلى السواد
الأعظم من الناس، حتى إن بعض الكتاب المسلمين والغربيين يرون أن أخذ
العبرة من أحداث التاريخ عبارة عن خرافة كبيرة. لكن هذا القول لا يخلو من
المبالغة. والرؤية الإسلامية في هذا الشأن واضحة فهناك فئة قليلة من الناس
يتعظون بوقائع التاريخ، ويأخذون منها العبرة، كما قال –جل وعلا-:"لقد كان
في قصصهم عبرة لأولي الألباب". وأولو الألباب المعنيون هم أولئك الذين
استطاعوا الطفو فوق أمواج الانحطاط والاحتفاظ بالرؤية المنهجية الصحيحة في
وسط يمور باللاهثين خلف الشهوات والمصالح الضيقة.

إن الخيال الخصب ليغرينا بتعداد الكثير من الأسباب التي أدَّت إلى خروج
المسلمين من الأندلس، لكن ذلك لا يتحصل منه كبير فائدة، كما لا تتحصل
فائدة جيدة من قاعدة بلغت استثناءاتها الثلاثين أو الأربعين، ولذا فإن من
الأولى الاقتصار على أهم ما يراه المرء من أسباب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:22 am

سقوط الأندلس يشكل مأساة كبرى،
لأن سقوطها لم يكن سقوط دولة، وإنما سقوط حضارة كان يمكن لها أن تكون نقطة
انطلاق لتمدين العالم في تلك الحقبة، كما أن سقوطها قلع شعباً مسلماً من
جذوره وعرَّضه للضياع الكامل، ومن هنا تأتي فرادة النكبة التي حلت
بالإسلام والمسلمين في الأندلس.

وقد رأيت هنا الاقتصار على ذكر خمسة أسباب جوهرية ساهمت في حصول ما حصل، أسوقها موجزة في السطور الآتية:

1. *إن التقدم العمراني المذهل الذي حدث في الأندلس يدل على أن المسلمين
هناك كانوا يمتلكون الكثير من المعارف والعلوم والخبرات المتقدمة بالنسبة
إلى ما كان سائداً في محيطهم –على الأقل- وهذا ليس موضع جدال. لكن هل كل
تقدم عمراني يعد تمدناً وتحضراً، وهل من اللائق أن نقتصر على الدلالات
المباشرة للإنجازات الحضارية، أم لا بد من البحث عن دلالات أخرى قد تكون
ذات شأن فيما نحن بصدده؟ إن القرآن الكريم يعلمنا أنه ما من أمة من الأمم
السابقة هلكت بسبب قصور عمراني، وإنما بسبب الحيدة عن منهج الله –تعالى-
واستدبار رسالات الأنبياء –عليهم السلام-. وبناء الأبنية الفخمة في
الأندلس قد تجاوز حدود الخيال بسبب الأموال الهائلة التي أنفقت فيها، وكان
ذلك مصادماً للبنية العميقة للتدين الحق، ومخالفاً لكل الأدبيات التي
تهوِّن من شأن الدنيا وترغِّب في الآخرة. ولنا أن نسأل عن أعداد الفقراء
الذين تم اقتطاع تكاليف أشكال الرفاهية من قوتهم اليومي، ومن حصتهم من
ناتج البلاد الأندلسية وخيراتها؟ !لا ريب أن أعداداً ضخمة من الناس كانوا
يشعرون بالظلم والجور، وهذا من عوامل تفكيك المجتمع وذهاب الريح، وتعجيل
الهزيمة. أضف إلى كل هذا أن الرؤية الإسلامية للمنجزات العمرانية تلح
دائماً على السياق الذي تمت فيه والمقاصد التي دفعت إليها. ونستطيع أن
نقرر هنا أن كثيراً من الأبنية والمشروعات العمرانية، تمت في سياق التنافس
في إثبات الذات والغلبة على النظراء وسياق التفاخر والتكاثر، فهي بالتالي
شواهد تراجع حضاري أكثر منها أمارات نهوض وتقدم، فقصر الزهراء –مثلاً-
والذي اشتغل فيه عشرة آلاف رجل وثلاثون ألف دابة، والتي كانت سواريه –كما
زعموا- من المرمر والحجر الشفاف، وكانت رؤوسها مرصعة باللؤلؤ والياقوت،
هذا القصر منسوب إلى الزهراء حظية عبدالرحمن الناصر. إنه آية في الإتقان،
والجمال لكن لا صلة له بتدين أو رجولة أو إصلاح.

2. *المال الذي تدفق على الأندلس من خلال غزوات الفاتحين الأولين، ومن
خيراته الذاتية، جعل إمكانية غرق أعداد كبيرة من الناس في النعيم الواسع
أمراً ميسوراً. وذلك النعيم مزَّق الوحدة الشعورية العميقة لأفراد
المجتمع، حيث إن فخامة القصور والمباني وكثرتها أتاحت لكثير من أبناء
النخبة والصفوة أن يشكلوا ثقافتهم الخاصة، وأن يصنعوا عالمهم الخاص الذي
يعج بالنساء والغلمان والخمور والمغنين وهناك لا يكون هم إسلام ولا مستقبل
ولا أندلس ولا أعداء!وظل السواد الأعظم من الناس بين متشوق إلى الحصول على
مثل ذلك وباحث عن ثغرة للدخول إلى ذلك العالم، وبين مهمش لا حول له ولا
طول. وفي مثل هذه الوضعية يضيع الإحساس بشرف الانتماء للوطن وتضيع الحماسة
المطلوبة لمناهضة أعدائه، والدفاع عنه. وتعلمنا تجارب الأمم وشواهد الأيام
أن كل قضية يُعزل عنها السواد الأعظم من الناس هي قضية خاسرة، وأن كل حمل
يتم خارج رحم الأمة هو كالحمل الكاذب. وآنذاك يسهل بيع الشعوب والمتاجرة
بقضاياها ومصيرها من لدن حفنة من الخونة (والخيانة فنون) الذين لا يجدون
أي رادع يحول بينهم وبين ما يشتهون. وترينا بعض الوثائق أن الوزيرين أبا
القاسم المليح ويوسف بين كماشة كانا عميلين للأعداء، ومع ذلك فإنهما كانا
يفاوضان عن المسلمين من قبل أبي عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس. وقد
ذكروا أن أبا القاسم المليح خاطب الملكين الكاثوليكين (إيرناندوري نافرا)
بقوله: أقسم بالله وبالشريعة أنني إذا استطعت أن أحمل غرناطة على كتفي
لحملتها إلى أصحاب الجلالة، وهذا برغبتي وليقض الله عليّ إذا كنت كاذباً
كما أتمنى أن ينتهي هذا الأمر (أي تسليم غرناطة للأسبان) على خير. وأرجو
أن تكونوا على يقين بأنني خادم شريف ومخلص لأصحاب الجلالة!!

مما ذهب بريح الأندلسيين أنهم
خربوا بأيديهم الأرضية المشتركة التي كانت تمكنهم من تجاوز الانقسامات
العنصرية والقبلية. وإن بقاء شوكة المسلمين في الأندلس كان متوقفاً على
اتخاذ الإسلام والالتزام بمبادئه وقيمه قاسماً مشتركاً أعظم بين عناصرهم
وقبائلهم المختلفة، وقد كان ذلك في بدايات وجودهم هناك حيث كان القائد
البربري أو العربي يقود جيشاً جراراً خليطاً من البربر والعرب، وكانت مظلة
الإسلام تتسع للجميع، وتغنيهم بالتالي عن الاحتماء بالتنوعات العرقية. لكن
لما ضعف الشعور بالوحدة الإسلامية ثارت النعرات العنصرية والقبلية (كما
حدث في المشرق تماماً) إلى حد يثير الاشمئزاز، وقد بلغ الانقسام حداً دفع
بعض ملوك وأمراء المسلمين أن يعقدوا مع النصارى أحلافاً ومعاهدات ضد
إخوانهم المسلمين، بل بلغ الانقسام إلى درجة إرسال الكتائب لمساعدة
الأسبان ضد بعض الإمارات الإسلامية، على نحو ما حدث في سرقسطة في عهد ابن
هود وما فعله أبو زيد ملك بلنسية وابن الأحمر في غرناطة... بل إن النزاع
بين المسلمين أخذ في بعض الأحيان شكل التصفيات الشاملة، وعلى سبيل المثال
فقد ولي محمد بن هشام أمر قرطبة عام 399 م وقد رحَّب به أهل قرطبة،
وأقاموا الولائم احتفاء بولايته، وقد كان الرجل يبغض البربر بغضاً شديداً،
فأمر أن يُنادى في الناس: من أتى برأس بربري فله كذا، فتسارع أهل قرطبة في
قتل من قدروا عليه، ولم يبق تاجر ولا جندي إلا اجتهد في القتل والنهب. وقد
نُهبت ديار البربر وهُتكت حريمهم، وسبيت نساؤهم وبيعت في السوق، وبُقرت
بطون بعض الحوامل !!مع هذا السلوك الإجرامي ومع هذه الروح العنصرية لا
يبقى أي شيء مقدس، كما لا يمكن للوحدة السياسية إلا أن تكون في مهب الريح،
وهذا ما حدث فقد تحللت الدولة الأموية هناك إلى اثنتين وعشرين دولة، يحارب
في كثير من الأحيان بعضها بعضًا (هل هذا هو عدد دول جامعة الدول
العربية؟!) ويبحث كل منها عن مصالحه الخاصة والنجاة بنفسه. وهكذا يثبت
التاريخ المرة تلو المرة أن العصبيات العنصرية والأنانيات الصارخة كانت
تشكل دائماً معول هدم في جسد الإمبراطورية الإسلامية في المغرب كما في
المشرق على حد سواء
كان الوعي الأندلسي مرتبكاً،
فهناك ما لا يحصى من الشواهد على أن التقدم العمراني والرخاء في العيش في
الأندلس كان يلازمه على نحو شبه مستمر انخفاض في مستوى التدين والالتزام،
وحتى لا نجور على القوم فإن الأندلسيين لم يكونوا استثناء من القاعدة،
فتاريخ الأديان في العالم كله ناطق –مع الأسف- بهذه الحقيقة. أصيب
الأندلسيون بمرض (الانهيار البطيء) حيث كانت صورة التدين لديهم تبتعد
رويداً رويداً عن جوهر التدين الحق، وصارت البيئة العامة أشبه بحبل غليظ
جُمعت خيوطه إلى بعضها خيطاً وراء خيط إلى أن استحال قطعه، وصار أهل
الإصلاح والصلاح والغيرة يشعرون باتساع الخرق عليهم. وقد حاول بعض كبار
علمائهم مثل المنذر بن سعيد وابن حزم وابن عبد البر وأبي الوليد الباجي قد
حاولوا إيقاف التدهور، ورد طبقة الصفوة إلى سبيل الرشاد، لكن الأمر كان
أكبر منهم. إن مشكلة المترفين أنهم كلما حصلوا على درجة من درجات الترف
شعروا أنها حق مكتسب لهم، وعدوا التنازل عنها نوعاً من الفقر والعوز،
وهكذا كان الأندلسيون عاجزين عن أن يخطوا خطوة واحدة إلى الوراء، مع أن
العدو يتحين الفرص للانقضاض عليهم، فأدركتهم أيام الله. قد انتشرت بينهم
الذنوب والمعاصي، وصارت المبادئ السامية عبارة عن شعارات فارغة لا توجه
السلوك، بل تتخذ للتزيين والتكميل الشكلي، وقد كان ابن حزم يقسم بأن ملوك
الطوائف لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية لأمورهم لعبدوها! وانعدمت
الغيرة الدينية لدى كثير من العامة، فصار إنكار المنكرات من الأمور
المنسية، وقد ذكر بعض المؤرخين أن رجلاً نصرانياً وقف في شارع عام في
قرطبة أيام ابن عبد الجبار، وشتم النبي –صلى الله عليه وسلم- بألفاظ
نابية، فلم يكلمه أحد من المسلمين بكلمة! وقد تحركت غيرة أحد المسلمين،
فقال مستنهضاً لمن حولـه: ألا تنكرون ما تسمعون! أما أنتم مسلمون؟ فقال
جماعة منهم: امض لشغلك! وانتشرت في العديد من المدن الأندلسية أشياء تخدش
صفاء العقيدة، فقد كانت قرطاجة –كما وصف بعض المؤرخين- مملوءة بأقواس من
الحجارة المزخرفة بالصور والتماثيل وأشكال الناس وصور الحيوانات، مما يدهش
الأبصار. إن كل شكل من أشكال المعصية موصول على مستوى ما بشكل من أشكال
الهزيمة والانكسار، وهذا ما لم يكن واضحاً لدى القوم!
مصير المسلمين في الأندلس كان
مرتبطاً بالخطة التي ينتهجونها في التعامل مع أعدائهم، وفي وضع كوضعهم كان
الخيار الصحيح بالنسبة إليهم هو الاستمرار في الجهاد حتى يوجهوا فائض
القوة نحو الخارج، وحتى يحافظوا على وحدتهم الداخلية، بالإضافة إلى أن ذلك
يمكنهم من فتح خطوط متقدمة في أرض أعدائهم حتى يتمكنوا من الحفاظ على
أرضهم (كما فعل اليهود) وقد كان بإمكانهم فعل ذلك، وربع الأموال التي
أنفقت على أشكال الترف والسرف كان كافياً لتزويد الحركة الجهادية بما
تحتاجه من نفقات، لكن القوم ارتضوا لأنفسهم الخطة الدفاعية في مواجهة عدو
له عمق استراتيجي ضخم هو أوربا كلها. وليت القوم أحسنوا الدفاع إذن لخرجوا
بشيء ما، لكنهم كانوا طوائف وشيعاً فلم يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً، وقد
كان حسم المواقف وتحديد الوجهة هو أهم ما ينقصهم، كما هو شأن كل المخذولين.



إن المسلمين بإعراضهم عن الجهاد وإدامة الهجوم وضعوا أنفسهم في وضعية
المدافع المحاصر وقد قالت العرب قديماً: المحاصر لا يأتي بخير. وعلى كل
حال فدولهم الكثيرة التي كانت تتطاحن في مساحة محدودة من الأرض –لم تكن
مهيأة لأكثر مما فعلت، فقد كان بين معظمها وبين الحكم بما أنزل الله
–تعالى- فجوة كبيرة، وهي كما وصفها ابن حزم –رحمه الله- :"نظم مستبدة
مستهينة بالدماء مكثرة من أسباب الترف وضروب العمران واستجلاب المنافقين
من الكتاب والوزراء والشعراء، وقد نشأ بينها من المفاسد ما أعوز دفعه،
واستحكم ضرره" كلما قرأت في تاريخ الأندلس السليبة تذكرت صراعنا مع
اليهود، وأبصرت من أسباب الهزيمة هنا ما أبصرته هناك! ولله الأمر من قبل
ومن بعد.

ودفعهم ولعهم هذا إلى تأليف كتب ورسائل خاصة في هذا الباب من ذلك مثلاً
كتاب "الحدائق" لابن فرج الجياني ت 366هـ وكتاب "البديع في وصف الربيع"
لأبي الوليد اسماعيل الحميري ت440هـ وحديقة الارتياح في صفة حقيقة الراح
لأبي عامر بن مسلمة وزمان الربيع لأبي بكر الخشني الجياني وغيرها.

ولسنا نريد أن نتوسع في الحديث عن شعر الطبيعة... ولكن ينبغي أن نحدد
مفهوم شعر الطبيعة وحدّه وتعريفه, ثم بعد ذلك نقف عند شعر ابن زيدون
لمعرفة مدى تحقق ذلك المفهوم في شعره وبخاصة قصيدته القافية التي نعدها من
أبرز نتاجه المتمثلة فيه بواكير الرومانسية بمفهومها الحديث.

يقول الدكتور جودت الركابي إن شعر الطبيعة هو الشعر الذي يمثل الطبيعة
وبعض ما اشتملت عليه في جو طبيعي يزيده جمالاً خيال الشاعر, وتتمثل فيه
نفسه المرهفة وحبه لها واستغراقه بمفاتنها(3).

ويقرر الركابي أن (شعر الطبيعة) تعبير جديد في أدبنا جاءنا من الآداب
الغربية... وكان من أهم مظاهر الحركة الإبداعية الرومانسية في أواخر القرن
الثامن عشر.. والطبيعة كما يفهمها الرومانسيون صديقة وفيّة يحبونها لما
تمنحه من جمال لحسّهم وهدوء لنفوسهم, فيستسلمون اليها ويشاطرونها المناجاة
ويبوحون إليها بعواطفهم وآلامهم.

وفي العودة إلى شعر ابن زيدون لمعرفة مدى انطباق التعريف السابق على شعره,
ولنعرف إن كان حقاً شاعر طبيعة أم أنه يستعين بالطبيعة في زيادة الزهو
والجمالية في نتاجه? إن ابن زيدون بحكم النقاد ومؤرخي الأدب العربي لا
يعتبر من شعراء الطبيعة مثلما كان ابن خفاجة, وكانت تغلب عليه صفة شاعر
الغزل الذي سجل قصة حب عنيفة مع ولادة بنت المستكفي.

ولكن ابن زيدون, مع كل ذلك كان يتفاعل مع الطبيعة الأندلسية ويتأثر بها
فيشاطرها همومه وأشجانه ويقاسمها مشاعره التي تفيض حباً وحناناً تجاه
ولاّدة, فاستعان بصورها وقاموسها وألفاظها في شتئ أغراضه الشعرية وبخاصة
الغزل ومجالس اللهو والمرح.

تلك القصائد التي بوأته مكانةً عالية بين شعراء الأندلس فأطلق عليه لقب
"بحتري الأندلس". فبأي شيء اتفق هذان الشاعران سوى أن يكون القاسم المشترك
بينهما متمثلاً في هذه الرقة والعذوبة التي تصطبغ بهما مفردات قصائدهما
وما تشيعه من جو ساحر خلاّب, تتوثّق فيه الأصوال وتلين فيه العبارات بوحدة
وتلاحم وتعاشق, فكأنها شلاّل ينساب متدفقاً عبر طبيعة زاهية بجمالها
ورونقها وعبقها, فيغدو جزءاً مكملاً لها, وتغدو هي إطاراً له يضفي عليه
بهاء وروعة, وهكذا فعل الشاعران مع الطبيعة... استعانا بها في بناء
القصيدة وتشكيل صور وجزيئات عديدة أضفت على نتاجهما كثيراً من الجدة
والجمالية والحيوية. فابن زيدون لم يقل قصائد خالصة في وصف الطبيعة مثلما
كان ولع الآخرين من شعراء عصره... ولكننا نشم رائحة الطبيعة الأندلسية
الغنّاء ونحس بمعالمها وجمالها في جل نتاجاته الشعرية. فمن الحق القول ان
شعر ابن زيدون كله يكاد يكون ألواناً من الطبيعة موشاة, نسجتها يد صانع
أبدعت تصوير حواشيها وإبراز نقوشها وخاصة غزله الذي امتزج فيه إحساسه
بالطبيعة وإحساسه بالمرأة وجمالها امتزاجاً جعل كلاً من الإحساسين جزءاً
من الآخر وامتداداً له في وحدة فنية.

ولكن ذلك لا يدفعنا إلى اتهام الشاعر بعدم الإحساس بالطبيعة وظواهرها
إحساساً مستقلاً قائماً بذاته, فيفرد لها القصائد والمقطوعات; وقد علل ذلك
الدكتور ناصر الدين الأسد بقوله “إنّ إحساس ابن زيدون بالطبيعة كان جزءاً
من إحساسه العام بالجمال ممزوجاً بإحساسه بالمرأة وشعوره بها, ومن ذوب هذه
الأحاسيس صاغ شعره في الغزل والتشوّق والتذكر... فهو لا ينظر إلى الطبيعة
بعين عقله ولا بعين خياله ليتصيد الأوصاف والتشبيهات... وإنما هو شاعر
فنان يستجيب لدواعي نفسه ولأحساسيسه الداخلية ومشاعره الخاصة الذاتية...
ومن هنا جاء شعوره بالطبيعة مبثوثاً في ثنايا شعره الذي يعبر فيه عن ذوب
عاطفته

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:23 am

ذلك التفاعل الحاصل بين الشاعر
وبين المشهد الطبيعي يزيد من حيوية الفن وقدرته على التأثير لأنه يكون
أكثر صدقاً في الإثارة وفي البناء والصياغة, فلم يتخذ ابن زيدون الطبيعة
لذاتها مكتفياً بوصفها ونقل محسوساتها الخارجية, وليس ذلك بمعجز له أو صعب
عليه, وهو الشاعر القدير على النظم والصياغة, ولكنه اتخذ من الطبيعة
بجزيئاتها ومظاهرها ومفاتنها عنصراً مكملاً ومتداخلاً مع أشياء أخرى...
فلم يتخذها مسرحاً أو مكاناً للحدث وإنما جعلها جزءاً منه... فأنطقها وطبع
عليها صفات إنسانية ومنحها حواساً بشرية فهي ترى وتسمع وتشم.! وهي تضحك
وتبكي وتفرح وتتألم.

إنّ إسقاط الحواس على الطبيعة وبالصيغة التي عرفتها بعض قصائد ابن زيدون
وبالطريقة التي تعامل معها شاعرنا لم تكن معروفة لدى شعراء أندلسيين
آخرين... كانوا يتباهون ويتبارون بمقدار نجاحهم في ايجاد صورة جميلة لزهرة
أو بستان أو نهر أو تشبيه أو استعارة أو غير ذلك لمظهر من مظاهر الطبيعة
التي تحيط بهم وتضم ليالي أنسهم أو مجالس سمرهم ولكن ابن زيدون كان يشترك
مع شعراء عصره في الاستعانة بألفاظ الطبيعة وديباجتها وجمالها في أغراضهم
الشعرية المختلفة... تتسلل إلى قصائدهم لغة أو صورة أو تشبيها أو كناية أو
استعارة, فكان معجم الطبيعة طاغياً على الشعر الأندلسي عموماً بعيد القرن
الرابع الهجري, فكان الإغراق في استخدام عناصر الطبيعة ومفرداتها سبباً في
اتصاف الشعر الأندلسي وأهل الأندلس بعشق الطبيعة والهيام بمفاتنها والتعلق
بها... ولا نريد أن نسترسل في هذا الموضوع فنتحدث عن ولع الأندلسيين
بالبيئة وألوانها ومناظرها وصورها ولكننا نريد أن نقف عند حالة فريدة
وجديدة كان لها أثر كبير في الدراسات اللاحقة, لأنها تشكل تحولاً كبيراً
في الشعر العربي... تلك هي القصيدة القافية لابن زيدون التي مزجت بعمق
وحيوية وتفاعل يندر وجوده في قصائد أخرى مماثلة في موضوعها بين مشاعر
المنتج العاشق وعواطفه وأحاسيسه وبين الطبيعة امتزاجاً تلفّه غلالةٌ من
نسيج إنساني تتعاطف فيه كل العناصر المكونة للمشهد... تتبادل الأحاسيس
والمشاعر وكأنها عائلة واحدة متماسكة متكافئة متحابة فالنسيم يرق ويعتل
والروض على الرغم من كونه مبتسماً, حزين باك وهذا ما توحي به لفظة (شققت
فشق الجيوب والكشف عن الصدور تفعله النساء في العادة في المراثي والمآتم,
والزهر يبكي وتترقوق الدموع في عيونه...) فجميع مظاهر الطبيعة تتفاعل مع
الشاعر الذي خفق قلبه بالشوق والحنين والتذكر إلى حبيبته.. فالمكان
والمنظر الطبيعي وهذه الأجزاء المتناثرة هنا وهناك في حديقة الزهراء تذكره
أحبابه وتُهيّج شوقه فيتداخل لديه الشعور وترتبط الذكرى في وجدانه فتغدو
الزهراء هي ولاّدة... وتصبح ولاّدة هي الزهراء... وهذا الموقف هو الذي دفع
بعض النقاد الى توجيه هذه القصيدة وجهة أخرى وجعلها تعبيراً عن مرحلة
التشبث بالأمومة في صورها المختلفة: "الأم, الحبيبة, الطبيعة, الوطن,
الماضي, الصداقة, معاهد الطفولة... وقد فجر ذلك حادث السجن وزادته قوةُ
الانفصال الاضطراري عن الأم الكبرى "قرطبة" وفيه تحضر ولاّدة حضوراً عن
غير طريق الغزل المباشر لأنها ليست حبيبة وحسب, بل تمثل جانباً من الأمومة
ومن الطبيعة ومن الوطن ومن الماضي, فالحديث عن قرطبة يومئ اليها, والطبيعة
الجميلة في الزهراء اطار لها... والفرع الأكبر أن تصبح ولاّدة مثل قرطبة
جزءاً من الماضي لا تتاح له عودة.

فليست ولاّدة وحدها مجال تنافس وتصارع مع الآخرين من أجل الاستحواذ عليها
والفوز بحبها, بل قرطبة أيضاً كانت أيام الفتنة المثيرة وما بعدها تعيش
حالة تمزق وتشتت وتصارع وأطماع من أجل التغلب عليها والسيطرة على مقاليدها
من قبل المتنافسين السياسيين... فالصورتان متقاربتان في ذهن الشاعر وهما
قد تعززان - بما تتضمنانه من ايماء إلى قرطبة مدينته التي كان يعشقها -
توجيه هذه القصيدة وقصائد أخرى في الديوان تلك الوجهة التي أشرنا إليها
آنفاً
قد وردت قافية ابن زيدون في كتاب
القلائد ممهداً لها بعبارات مشجعة تصف لنا ما كان يكابده الشاعر آنذاك
ويعانيه من شوق ولهفة ومن خوف ووجل, موزع القلب والمشاعر:

"فلما حلّ بذلك القرب, وانحل عقدُ صبره بعد الكرب.. كرّ إلى الزهراء
ليتوارى في نواحيها ويتسلى برؤية ما فيها, فوافاها والربيعُ قد خلع عليها
برده, ونثر سوسنة وورده. وأترع جداولها, وأنطق بلابلها... فتشوق إلى لقاء
ولادة وحنّ, وخاف تلك النوائب والمحن, فكتب اليها يصف فرط قلقه, وضيق أمده
وطلقه, ويعاتبها على اغفال تعهده, ويصف محضرها معه ومشهده".

يقول:



اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا

وللنسيم اعتلال في أصائله

كأنما رقّ لي فاعل إشفاقا

والروض- عن مائه الفضي- مبتسم كما شققت - عن اللبات – أطواقا

يوم كأيام لذات لنا انصرمت

بتنا له حين نام الدهر سراقا

نلهو بما يستميل العين من زَهَر

جال الندى فيه حتى مال أعناقا

كأن أعينه اذ عاينتْ أرقي

بكت لما بي, فجال الدمعُ رقراقا

وَرْدٌ تألق في ضاحي منابته

فازداد منه الضحى في العين اشراقا

كلٌّ يهيج لنا ذكرى تُشوقُنا

إليك لم يعد عنها الصدرُ أن ضاقا

لو كان وفّى المنى في جمعنا بكمُ

لكان من أكرم الأيام اخلاقا

يرى ينافحه نيلوفر عبق

وسنان نبّه منه الصبحُ أحداقا

لو شاء حملي نسيم الريح حين هفا

وافاكمُ بفتىً أضناه ما لاق
إنّ الجو النفسي الذي عاشه ابن
زيدون في أثناء قرضه هذه القصيدة والقلق الذي يحاصره ومقدار الهموم التي
تعتصر فؤاده هي التي فجرت هذه اللوحة الفنية الرائعة وأبدعت تلك الصور
الجمالية الخالدة, وقد قال الشاعر "ألفريد دو موسيه" بأنه ما من شيء
يجعلنا عظماء مثل ألم عظيم".

فالكآبة والحزن وقلق التخفي انتقلت إلى الطبيعة فصبغتها بلون أسود قاتم
انعكست ملامحها على قصيدته القافية. والقصيدة تمثل حالتين متناقضتين
متقابلتين الماضي البهيج الذي تجلى في طلاقة الأفق وصفاء وجه الأرض
وابتسام الروض وطرب الزهر وتألق الورد وإشراق الضحى, وفي مقابله تجهم
الحاضر وفي اعتلال النسيم واشفاقه, ونعاس النيلوفر وإغفائه, وبكاء الزهر
وترقرق دمعه.

في حين رأى الدكتور احسان عباس في القصيدة حالة من التوازي بين منظر
الطبيعة الضاحك وحال الشاعر الحزين, وأن هذا التوازي حقق عمقاً في
المفارقة... أما المنظر نفسه فانه كفل تحقيق مقارنة في نفس الشاعر بين
الماضي الجميل والحاضر الذي جاء بكل شيء جميل لولا غيابها:

لو كان وفّى المنى في جمعنا بكم لكان من أطيب الأيام أخلاقاً

إنّ ابن زيدون في قافيته يُنطقُ الجماد ويخلق من الطبيعة الصامتة إنساناً
يحاكيه ويبثة شجوه وأنينه, فيتفاعلان ويتجاوبان بتعبيرات إنسانية مملوءة
بالحركة والنشاط. وبذلك تكون القصيدة القافية لوحة فنية تنم عن امتزاج
الشاعر بالطبيعة وصدق عاطفته نحوها وتشجيعه لها حتى أصبحت لسان نجواه
وخفقة قلبه".

ولم يكتفِ ابن زيدون في قافيته بالحديث عن حبيبته ولا عن جمالها ومفاتنها
وإنما توقف عند عواطفه ومشاعره مسقطاً تلك الانفعالات والمشاعر على
الموجودات حوله, وبذلك يخرج ابن زيدون عن تقاليد شعراء الأندلس الآخرين
وعن طريقتهم التي يصفها المقري بقوله "إن شعراء الأندلس إذا تغزلوا صاغوا
من الورد خدوداً ومن النرجس عيوناً ومن الآس اصداغاً ومن السفرجل نهوداً
ومن قصب السكر قدوداً ومن قلوب اللوز وسرر التفاح مباسم ومن ابنة العنب
رضاباً".

إنّ من يتأمل قصيدة ابن زيدون المذكورة يشعر بمقدار الاتحاد القائم بينه
وبين الطبيعة وعمق التلاحم والتمازج بينهما, وهو ما يصعب تلمسه في قصائده
الأخرى كما يصعب العثور على أمثاله في شعر غيره من الأندلسيين, ومن هنا
تأخذ هذه القصيدة أهميتها في تاريخ الأدب الأندلسي لأنها تعد بادرة نادرة
ومحاولة جديدة تقترب من المفهوم الرومانتيكي الذي يرى في الطبيعة صديقاً
يقاسمه الهموم والأحزان والمشاعر.

وقد أعجب نيكلسون بهذه القصيدة الرائعة وضربها مثلاً لتوضيح الشعور العميق بالطبيعة التي يتميز بها الشعر الأندلسي.

قافية ابن زيدون أثارت اهتماماً, وذهب بعض النقاد إلى اعتبارها ذات تأثير
قوي في شعر الطبيعة الأوروبي وفي الشعراء الرومانسيين الذين ظهروا في
القرن التاسع عشر في أوروبا.

ويرى الدكتور إبراهيم سلامة في القافية أنها تمتلك شيئاً من الرمزية
الرومانسية وأنّ هذه الرمزية أو هذا التمثل في الطبيعة هو ما يريده النقد
الأوروبي, وهو ما فهمه العرب من زمن بعيد وهو ما كان واضح الأثر جلياً في
طبيعة الأندلس الواضحة.

وهو عند ابن زيدون في قافيته أكثر وضوحاً وتجسيماً وتعبيراً, حتى يكاد
ينفرد هذا الشاعر بقدرته على الالتحام والاتحاد مع الطبيعة مازجاً حبه لها
بحبه للمرأة, فكان بذلك يجمع بين ذاته الشاعرة و ين الطبيعة والمرأة في
توحد صوفي وذوبان لا حدود له.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:25 am

سقوط الأندلس دروس وعبر



دور العلماء

]أنتقل بعدها إلى ذكر بعض الدروس والعبر، وكل ما ذكرته من أسباب هي دروس
وعبر، فاستمعوا - بارك الله لي ولكم - إلى هذه الدروس، عسى أن نتعظ
ونعتبر، حتى لا يحل بالمسلمين ما حل بغيرهم فأقول:

من أبرز الدروس: دور العلماء: وذكرت لكم أن من أسباب سقوط الأندلس، عدم
قيام بعض العلماء بواجبهم، ومع ذلك فإننا نجد أن هناك من قام بواجبه
والعلماء هم سراج الأمة. إننى أوجه حديثي مرة أخرى، فأقول لعلمائنا
ولمشايخنا ولطلبة العلم من أمثالكم: الله الله في أمتكم، الله الله أن
تفرطوا، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر - أيها الأحبة - وبهذا نحفظ كيان
الأمة، العلماء هم ورثة الأنبياء. كما في الحديث " الأنبياء لم يورثوا
دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر " ( ).

يا علماء المستقبل: الأمة بين أيديكم، الأمة تنتظر منكم الشيء الكثير،
ليكن لكم في غيركم عبرة وعظة في بلاد المسلمين في الأندلس، وفى غير
الأندلس، والله لقد زرت بعض البلاد الإسلامية، فما وجدت للعلماء مكانا ولا
قيمة، حتى قال أحد الزعماء الهالكين - أهلكه الله -: مشايخ! أعط أحدهم
فرخة، ويعطيك الفتوى التي تريد.

نعم العلماء هم السياج الواقي، هم الحصانة، هم العلاج. إذا قاموا بواجبهم
وإذا تخلوا عن واجبهم، فلا يلوموا إلا أنفسهم، إذا تخلوا عن واجبهم عن
الرسالة التي اصطفاهم الله لها وأمرهم بها، فسيحل بهم كما قال الرسول  "
لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على
الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليوشكن الله أن يعمكم بعقاب من
عنده، فتدعونه، فلا يستجاب لكم، لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان
داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر
فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " ( ).

يا علماء الأمة، يا علماء المستقبل: الله الله في أمتكم! الله الله أن
تنتهك حرمات! الله، وأنتم تنتظرون ماذا تنتظرون؟ إن في بلادنا خيرا كثيرا
وعلماؤنا، فيهم الخير الكثير، ولكننا بحاجة إلى المزيد وإلى الصدع بكلمة
الحق، ولاتأخذنا في الله لومة لائم، هذا درس أخذته مما حدث في الأندلس.

أيها الأحباب: قلت لكم هناك من وقف كأبي الوليد الباجي وابن عبد البر وأبي
حيان الأندلسي وابن حزم وغيرهم، ولكن المأساة أنهم لم يستمع لهم، وهنا
أقول: يجب على العلماء أن يؤدوا واجبهم حتى لو لم يستمع لهم (إِنْ
عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ)( ) (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ
بِمُؤْمِنِينَ)( ) " يأتي النبي معه الرهط، يأتي النبي معه الرجل
والرجلان، يأتي النبي وليس معه أحد " لكنه لا يمنعه من قول الحق، ومن
الدعوة إلى الله، هذا درس مهم من دروس الأندلس، ولنا عبرة ولنا عظة ولنا
ذكرى.

يقول ابن حزم، مبينا دور العلماء: فالمخلص لنا فيها - يقصد معشر العلماء -
يعني من هذه الفتنة، التي حلت بالأندلس، الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا
عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمؤسف أن كثيرا من طلاب العلم،
يمسكون عن، أو لا يمسكون عن شيء إلا عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر
وابن حزم يقول: يجب أن نمسك ألسنتنا عن كل شيء إلا عن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وذم جميع هؤلاء، فمن عجز عن ذلك، فهو معذور، فلو اجتمع
كل من ينكر بقلبه لما غلبونا، أي النصارى، فأما الفرد الذي لا يسع أحدا،
فإنه لا يعين ظالما بيده ولا بلسانه، ولا أن يزين له فعله ويصوب شره، رحم
الله ابن حزم.

يقول: إذا لم يستطع الواجب، أولا: ألا نتكلم إلا في الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر والدعوة إلى الله، ومن عجز عن ذلك وبذل جهده، فهو معذور، ولكن
الشيء الذي لا يعذر فيه أحد أن يساعد أحد من طلاب العلم الظالم على ظلمه،
وأن يزين له هذا الأمر وأن يقره على هذا العمل لا عذر له في ذلك، ما هو
عذره أمام الله - سبحانه وتعالى - وهو يحكي عن واقعه - رحمه الله - ولهذا
يقول: لما وجد من يزين لأهل المنكر منكرهم، ويبرر لهم تصرفاتهم حل
بالأندلس ما حل بها.

هنا أنتهي من هذا السبب، أو من هذه العبرة.

أثر الجهاد في حياة الأمة
وأقف مع درس آخر وهو أثر الجهاد في حياة الأمة.

الأمة بدون الجهاد لا خير فيها، الأمة بدون الجهاد لا حياة فيها أيها
الأحباب، الله - سبحانه وتعالى - يقول: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ
وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)( ) ويقول جل وعلا: (انْفِرُوا خِفَافاً
وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ)( ) ويقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا
لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ
إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ
فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)( )
وفى السنن قال  " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " ( ) وسنده حسن.

وقال  " رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد " ( ) وهو
حديث صحيح، وقال  " لغدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها
" ( ) متفق عليه، ونعى الله - سبحانه وتعالى - على القاعدين فقال: (قُلْ
إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ
كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ
اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)( )
الجهاد - أيها الإخوة - مما أخذنا من دروس الأندلس: لما وجد الجهاد بقيت
الأمة.

لما دخل طارق وموسى، وجاء عبد الرحمن الداخل وعبد الرحمن الناصر بقيت
الأمة، لما قام بعض ملوك الطوائف بالجهاد بقيت الأمة، كوقعة الزلاقة
والأرك وغيرها، ولكن عندما تهاون المسلمون وتخاذلوا حل بالمسلمين
وبالمؤمنين الكارثة، وهنا لي وقفة.

أحبتي الكرام: لا حياة للأمة إلا بالجهاد، وها نحن نرى جهاد إخواننا، أو
جهاد المسلمين في أفغانستان، جهادا أعاد للأمة عزها وبأسها وقوتها، قبل أن
آتيكم بدقائق - أيها الأحباب - كنت أستمع إلى أحد الإخوة، الذين جاءوا من
المعارك من هناك من أفغانستان. يذكر لنا قصص البطولة والشجاعة والفداء،
وكأننا نقرأ في تاريخ سلفنا الصالح. معارك وقعت منذ أيام فيها الشجاعة
والإباء والقوة، نفوس أو رجال اعتلت نفوسهم على شهوات الدنيا وعلى
مطامعها.

الله الله - أيها الإخوة - في الحفاظ على هذا الجهاد! هناك مؤامرة كبرى
تحاك لهذا الجهاد، وهو جهاد المسلمين في أفغانستان، الله الله أن يسقط
الجهاد أمام أعيننا ونحن نتفرج عليه! أعداؤنا يكيدون لنا، أعداؤنا
يتآمرون، كادوا للمسلمين في فلسطين فأسقطوها، ماذا حدث في فلسطين؟ مأساة.
ماذا حدث في الأندلس؟ مأساة. ماذا يحدث في أفغانستان الآن؟ أقول: هناك
مؤامرة كبرى. بعضها ينفذ بأيدي بعض المسلمين، أولئك الذين يثيرون الفتنة،
أولئك الذين يثيرون الخلافات، أولئك الذين يثيرون القلاقل والفتن بين
المجاهدين لمصلحة من؟ أولئك الذين قسموا المجاهدين إلى شيع وأحزاب لمصلحة
من؟ أولئك الذين يتكلمون عن مثالب المجاهدين يخدمون من؟ نحن قد لا نشك في
نيات بعضهم وفى إخلاص بعضهم، ولكن الإخلاص وحده - والله - لا يكفي، إنني
أوجه نصحي لكم، أنصح نفسي وأنصحكم، وأقول لكم: انصحوا هؤلاء الذين يريدون
أن يتلاعبوا في الجهاد من أبناء المسلمين، بل من المدعين الغيرة على
الجهاد.

أعداؤنا عندما عجزوا عن الفتك بهذا الجهاد، حاولوا بطرق أخرى للفتك به
وأخزاهم، قد نجحوا في بعض محاولاتهم، حافظوا على هذا الجهاد أيها الأحبة،
وهذا فيه عزنا، وفيه نصرنا، وفيه قوتنا، لقد رفعنا رؤوسنا بعد أن طؤطئت
كثيرا بفضل الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، فيه العزة، وفيه
القوة، وفيه الرحمة، وفيه الخير
مواقف شجاعة تسجل في التاريخ



نواصل - أيها الأحباب - مع الدروس والعبر، هناك مواقف شجاعة تسجل في
التاريخ، لما أراد ابن الأحمر أن يسلم غرناطة، وزين له أصحابه وحاشيته أنه
لن يستطيع أن يبقى في مقاومة النصارى، جاء أحد المقربين وأحد رجاله وقال
له - وهو يسمى موسى بن أبي غسان - وقال له: لا تسلموا غرناطة، دعونا نجاهد
في سبيل الله، دعونا نقاتل في سبيل الله، ولكن صيحته ذهبت سدى، وقال له،
قال لابن الأحمر رجاله.. قال رجال ابن الأحمر: إن النصارى عرضوا علينا
معاهدة، فيها حفظ لكيان المسلمين، ولن يؤت المسلمون بأذى ولا بشر. فهيا
نسلم الأندلس، حتى نحافظ على ما بقي لنا بالعهود والشروط، فقال لهم هذا
الرجل: إياكم أن تركنوا إلى النصارى، إياكم أن تثقوا في النصارى، لكنهم
رفضوا أن يستمعوا إليه، استمعوا إلى ماذا؟

قال لما أعيته الحيلة: لا تخدعوا أنفسكم، ولا تظنوا أن النصارى سيوفون
بعهدهم، ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم، إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب
مدننا " هو يذكر لهم ما حدث بالأندلس في مدن الأندلس: " فأمامنا نهب مدننا
وتدميرها، وتدنيس مساجدنا، وتخريب بيوتنا، وهتك نسائنا وبناتنا، وأمامنا
الجور الفاحش والتعصب الوحشي والسياط والأغلال، وأمامنا السجون والأنطاق
والمحارق " وكأنه يقرأ التاريخ - رحمه الله - وكأنه يقرأ ما حدث بعده
بسنوات معدودة: " وأمامنا السياط والأغلال، وأمامنا السجون والأنطاق
والمحارق" هذا ما سوف نعاني، أما أنا فوالله لن أراه، ثم ركب فرسه، وتقلد
سيفه، وجاهد رحمه الله وحيدا حتى قتل.

قال الشاعر، معبرا عن هذه القصة المعبرة على لسان موسى بن أبي غسان أما أنا قال:

أنا لـن أقـر وثيقــة فرضت وأخضع للعـدا

ما كان عذري إن جبنت وخفت أسباب الــردى

والموت حق في الرقاب أطال أم قصـر المـدى

إنى رسـمت نهايتــي بيـدي ولــن أتـرددا

كـنـت الحسـام لأمتي واليوم للوطـن الفــدا

أنا لن أعيش العمر عبـ دًا بل ســأقضي سـيدا



وقضى شهيدا رحمه الله، في قصة هذا البطل عبرة وعظة لمن يعتبر.

أثر المعاصي والغفلة على واقع المسلمين في الأندلس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:26 am

أيضا من العبر والعظات، أثر المعاصي والغفلة على واقع المسلمين في الأندلس.

المعاصي ما وقعت في بلد - أيها الأحباب - وفى أمة إلا فتكت بها. اسمعوا
إلى قصة أبي الدرداء  عندما فتح المسلمون قبرص، وبدءوا يتقاسمون الغنائم،
ويجمعون الغنائم، بكى أبو الدرداء  فجاءه أحد المشاركين في هذه المعركة،
وقال له: يا أبا الدرداء هذا يوم فرح فكيف تبكي؟ قال له ويحك! ما أهون
الخلق على الله إذا تركوا أمره، هذه روما التي نقتسم أموالها الآن. الروم
عندما عصوا الله، انظر كيف حل بهم، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا
أمره!. ولذلك قلت لكم ما قاله كوندي يبين عن مأساة المسلمين: العرب هووا،
عندما نسوا فضائلهم، التي جاءوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى
الخفة والمرح والاسترسال في الشهوات؛ ولذلك قال المتوكل بن الأفطس أحد
ملوك الأندلس: أما ما وهى المسلمين من ضعف أحوالهم، فبسبب الذنوب المركوبة
" من عصاني وهو يعرفني؛ سلطت عليه من لا يعرفني " يقول الشاعر البسطي وهو
من شعراء ابن الأحمر في الأندلس:

هـذا جـزاء مخالف مثلي أبى تقوى الإله ودان بالعصيان



وقال المرابط كاتب ابن الأحمر:

سودت وجهك بالمعاصي تلتمس وجها للقيا الله غير مسود

مـن ذا يتوب لربه مـن ذنبـه أو يقتـدي بنبيه أو يهتدي



يا أحبة: المعاصي دمار، المعاصي هلاك، خذوا مثلا واحدا ماذا حدث بلبنان؟
من كان يتصور لبنان، التي يطلقون عليها جنة الأرض منذ عشرين سنة فقط، أو
منذ سبعة عشر عاما فقط التي يسمونها بلد التسامح، بلد المحبة، لكن لما
عصوا الله - سبحانه وتعالى - من كان يتصور أن هذا البلد الذي ينعم
بالرفاهية والنعمة والملذات، يتحول إلى جحيم؟ قرابة سبعة عشر عاما الآن،
ولا زال يشتد ويشتد حتى أتى على الأخضر واليابس، وكأن القوم ما كانوا.

أمام أعيننا نقرأ أخبارهم صباح مساء. ما السبب في ذلك؟ المعاصي، الذنوب،
نسوا الله فنسيهم. انتبهوا إلى عاقبة الذنوب، إياكم أن تتساهلوا في الذنوب
أيها الأحبة، إياكم أن تتساهلوا بأثر المعاصي أيها الأحباب، كثرت الذنوب
والمعاصي في بلاد المسلمين، الشوارع ملئت بالمعاصي، البيوت امتلأت
بالمعاصي، حتى قال قائلهم: حتى إننا نرى المعاصي في المساجد غريب هذا، لا،
ليس غريبا ترى المعاصي في داخل بيوت الله، من النساء ومن الرجال، ومن
غيرهم أثر المعاصي رهيب.

أمامنا أمثلة من الأندلس، من لبنان... من غيرها، فاتقوا الله، يا عباد
الله انتبهوا إلى هذه العبرة وإلى هذه العظة من هذا البلد بلد الأندلس،
وما حل فيه كما قلت لكم بسبب المعاصي.

من الدروس المشرفة، وهو درس موقف ابن عباد، جاءه يهودي، فأغلظ له القول،
وسب المسلمين، فقام ابن عباد وقتله رحمه الله، ومن مواقف ابن عباد الشجاعة
أنه عندما أراد النصارى حصار أشبيلية، وكان واليا عليها جاء واستنجد بابن
تاشفين من المغرب، فجاءه بعض ملوك الطوائف، وقالوا يا ابن عباد: كيف
تستنجد بابن تاشفين؟! قال: وماذا في ذلك. قالوا: إنه إذا جاء ونصرك؛ سيحتل
ملكك قال ما أفعل؟ قالوا: لو استنجدت بأحد ملوك النصارى، كما يفعلون هم
لقتال هذا الملك.

قال لهم كلمة خالدة تكتب بماء الذهب: "رعي الجمال خير من رعي الخنازير"
لأن أكون راعيا للجمال عند ابن تاشفين، وهو مسلم أحسن من النهاية التي
ستكون، سأكون راعيا للخنازير عند هذا النصراني الذي سيأتي ويساعدني " رعي
الجمال خير من رعي الخنازير" رحمه الله، وفعلا استنجد بابن تاشفين، ونصره
نصرا مؤزرا مكرما
أهمية التعاون بين المسلمين

أيضا من الأشياء المفيدة، دور المغرب في مساعدة أهل الأندلس، وأهمية
التعاون بين المسلمين (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)( ) هنا أقف أمام درس فيه
عبرة وعظة، من خلال دراستي لواقع الأندلس، وجدت أن العوامل الداخلية أشد
تأثيرا من العوامل الخارجية. كيف ذلك؟

الآن الناس عندهم.. دائما يلقي اللوم على أعدائه، أنا قصدت عندما ذكرت
الأسباب، أن أبدأ بالأسباب التي جاءت من المسلمين أنفسهم، وأخرت موضوع
النصارى وعداوة النصارى؛ لأنه لولا أن المسلمين مكنوا للنصارى لما استطاع
النصارى أن يفعلوا شيئا.

أقول: إن العوامل الداخلية داخل المجتمع المسلم، هي التي تؤثر أكثر من
تأثير الأعداء، أعداؤنا لا يستطيعون أن يعملوا فينا شيئا- أيها الأحباب -
إلا إذا قدمنا لهم التسهيلات لهذا الأمر، وذكرت لكم مثلا بالجهاد
الأفغانى، هذا الجهاد الذي أطاح بروسيا، وأرغم أنفها بالتراب، وأرغم معها
أمريكا، تآمروا وخططوا ووجدوا أنهم لن يستطيعوا أن يقفوا ضد هذا الجهاد،
إلا إذا استطاعوا أن يحدثوا الفتنة داخل الصف، فبدءوا بزرع بذور الفتنة
والشك والريبة ونجحوا والله.

يحدثني أحد الإخوة: أنه بالأيام القريبة القريبة جدا، المجاهدون في بعض
المناطق ما عندهم ما يأكلون، كثير من المسلمين الذين يساعدون المجاهدين
الأفغان، توقفوا عن المساعدة لماذا؟ بسبب الشبه والشكوك والفتن التي تثار
ضد المجاهدين من أين؟ من بعض المتحمسين للجهاد، وكانت النتيجة ضد من؟ ضد
الجهاد نفسه. هذه العوامل الداخلية ما عجزت عنه روسيا، وما عجزت عنه
أمريكا، ينفذ بأيدي بعض المسلمين، ينفذ بأيدي بعض المنافقين، ينفذ بأيدي
الدخلاء على هذا الجهاد، فإن العوامل الداخلية، أمضى وأشد فتكا من العوامل
الخارجية. هذا درس اعتبروا به، وانتبهوا له، حتى لا نؤتى من داخلنا.

أيها الأحباب: من الملاحظ سرعة سقوط الأندلس، سقطت الأندلس في بعض الفترات
بسرعة، تصوروا أنه في ثلاثين سنة فقط، من عام سبعة وعشرين وستمائة إلى
خمسة وخمسين وستمائة هجرية سقط معظم قواعد الأندلس، في قرابة ثلاثين سنة
سقطت معظم قواعد الأندلس بسبب ماذا؟ بسبب الأسباب التي ذكرت لكم0

عـاثـت بسـاحتـك الظبــا يا دار ومحا محاسنك البلا والنار

فــإذا تردد فـي جنابك نـاظر طال اعتبار فيــك واسـتعبـار

أرض تقاذفت الخطـوب بأهلهـا وتمخـضـت بخرابها الأقــدار

لا أنــت أنـت ولا الديـار ديـار
فى لحظات تحولت هذه المملكة
الأندلسية، البلاد الإسلامية الضخمة إلى بلاد نصرانية كافرة، خلال سنوات
معدودة، هذا فيه عبرة وعظة وذكرى، إذا لا يغتر المسلمون على الحال، التي
هم فيها، قد يقول بعض المسلمين نحن في حالة - والحمد لله - من الصعب أن
تتغير، لا إذا وجدت الأسباب؛ حدثت النتائج، هذا ما يتعلق بهذا الدرس.
وسأختصر بقية الدروس.

من الصور المحزنة، التي أذكرها للعبرة مما أسقط الأندلس، كما قلت لكم أبو
عبد الله الزغل، أحد ملوك بني الأحمر من آخرهم، أصاب النصارى في معركة
وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهي من المعارك القليلة، التي نجح فيها فقام ابن
أخيه ملك غرناطة، وبعث يعتذر إلى ملك النصارى مما فعل عمه نعم. ومن الصور
الأخرى أنه لما سقطت مالقة، وحول مسجدها الأعظم إلى كنيسة أرسل أبو عبد
الله الصغير، وهو صغير فعلا؛ لأنه هو الذي سلم غرناطة آخر ممالك الأندلس،
أقول: أرسل إلى ملك النصارى يهنئه بذلك، يهنئه بتحويل المسجد إلى كنيسة،
لماذا؟ لعداوة شخصية بينه وبين ملك مالقة سابقا، ففرح أنها سقطت مالقة،
وحول مسجدها إلى كنيسة، فأرسل يهنئه، وسبحان الله بعد سنوات معدودة، يسقط
ابن الأحمر عبد الله الصغير، وتكون نهايته، المأساة التي أشير إليها الآن.


طرد من الأندلس، وجلس في المغرب ذليلا مهانا، ثم بقيت ذريته هناك حتى يقول
المقري، وعهدي بذريته بفاس يأخذون من أوقاف الفقراء والمساكين، ويعدون من
جملة الشحاذين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، نهاية محزنة لابن
الأحمر؛ لأنه عصى الله سبحانه وتعالى وسلم غرناطة. أولاده إلى فترة قريبة،
يعدون من جملة الشحاذين والمساكين في المغرب، عبرة عظة أين المعتبر؟ أين
المتعظ؟

دور النساء في الأندلس



هنا الدرس - وخاصة للأخوات الكريمات، ولكم جميعا - وهو دور النساء في
الأندلس، أذكر دور أم عبد الله الصغير، الذي سلم الأندلس، كانت امرأة
شجاعة - أيها الأحباب - وكانت لها مواقف فيها بطولة عجيبة، ولا يتسع
المقام لذكر بطولتها؛ ولذلك يقول أحد المؤرخين: وتحتل شخصية عائشة الحرة
في حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة، وليس ثمة في تاريخ تلك الفترة شخصية
تثير من الإعجاب والاحترام ومن الأسى والشجن، قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة
النبيلة من شجاعة وإقدام، عندما بكى ابنها عندما سلم ابنها الأندلس وبكى
جلس على صخرة يبكي، أبو عبد الله الصغير تدرون ماذا قالت له؟ قالت له:
لأنها بذلت محاولات جبارة للمحافظة على الأندلس، وحاولت أن تبذل المستحيل،
وقامت بأدوار قوية للحفاظ على الأندلس، لا يستطيع أن يقوم بها أكابر الرجال
لما جاء ابنها وسلم الأندلس، ثم جلس يبكي قالت له: "ابكِ مثل النساء ملكا مضاعا، لم تحافظ عليه مثل الرجال"

ولذلك صور الشاعر كلماتها بهذه الأبيات على لسان عائشة الحرة، أم عبد الله الصغير، تخاطب ابنها بعد تسليم الأندلس فتقول:

تذكر الله باكيا هل يرد الدمع مجدا ثوى وعارا أقامـا

هدني فـوق خطبنا أنك ابني .........................



تقول مأساتي إنك ابني

هــدني فــوق خطبنــا أنـك ابنـي يــــا لأم تسـقى العـذاب تؤامـا

لــم تصـن كالرجـال ملكـا فأمسـى ركنـه آنـذاك فابـكـه كالأيــامى



أبيات محزنة، تصور هذه الحالة -أيها الأحبة- أقول: إن للنساء دور، إنني
أخاطب الأمهات والبنات والأخوات، أخاطب الزوجات، إننا ننتظر منهن الشيء
الكثير في مجتمعنا، إنني - والله - أخشى وأرى أن يأتينا عن طريق النساء
شرا كثير، كما حذر الرسول  أمته، يخاف على أمته من أين؟ خاف على أمته من
الدنيا، ومن النساء، وها نسمع أحيانا من المصائب والمشكلات، سببها الرجال
والنساء الله الله يا أمهات المسلمين! الله الله في أبنائنا!! الله الله
في رجالنا!! الله الله في أمتنا!! احمين البيوت، أخرجن لنا الرجال، ربين
لنا الأبطال كأمهات المؤمنين وكنساء الصحابة وسلف المؤمنين، إننا ننتظر من
المرأة شيئا كثيرا، الله الله أن تنخدع بمحاولات الأعداء وبأساليبهم
وبإغرائهم وبإغوائهم!!

وقد استمعتم قبل قليل إلى حالة النساء في الأندلس، كيف وصلت من الشهوات والمشي في الأسواق، ولبس الذهب والتفاخر فسقطت الأندلس:

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق



إنني آمل من كل أم، ومن كل أخت أن تكون داعية في بيتها، وفى مجتمعها مصلحة
لزوجها ولإخوانها ولأبيها ولأبنائها، هذا أملنا فيها بإذن الله، وتتحطم
مكائد الأعداء على هذه الصخرة الفذة القوية والحصن المنيع.

شمس تغرب وشمس تشرق



لا أريد الإطالة، فسأختم هذه الدروس، وهذه العبر أن النصارى كما قلت:
نقضوا المعاهدة، عندما سلم ابن الأحمر الأندلس عقدت معاهدة فيها سبعة
وستين شرطا، كلها في صالح المسلمين، وصدق عليها البابا، وأقسم عليها ملك
النصارى بأغلظ الأيمان، أنه سيوفي بها، وبعد سبع سنوات فقط بدأ بنقض
المعاهدة، وقتل المسلمين، وحول المساجد إلى كنائس، وأتيت النساء في
الطرقات وقتل الأطفال وشردوا، وهذا جزاء الركون إلى أعداء الله والوثوق
بهم، وأشرت لكم إلى مأساة الموريسكيين.

وأختم هذه الدروس فأقول: شمس تغرب، وشمس تشرق، في الوقت الذي سقطت فيه
الأندلس، وسلمت فيه الأندلس على صحفة من ذهب، كان محمد الفاتح قد افتتح
القسطنطينية، وبزغ نور الإسلام في تركيا، وفى الوقت الذي تصورت أوروبا
أنها محت الإسلام من الغرب، جاءها الإسلام من الشرق عن طريق تركيا وهذا
دين الله سبحانه وتعالى.

الأمل الأمل!! هذا دين الله، ولكن أين العاملون؟ في الوقت الذي تصور أعداء
الله، أنهم قضوا على الجهاد في فلسطين يخرج الجهاد في أفغانستان، وها نحن
نرى معالم الجهاد في إريتريا، والحمد لله، وفى الفليبين آمال مشرقة مفرحة.


أيها الأحباب: أقول هذا درس من دروس الأندلس، دين الله (وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)( ) (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)( ) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ
اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)( ) نعم هذا دين الله، لكن نحن، وهو دين
للبشر، النجاة النجاة وإلا (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً
غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)( ).
تكمن وراء نهوض الممالك الشمالية
في الأندلس عوامل عدة تطورت مع الزمن استجابة لمتطلبات اقتصادية واجتماعية
وسكانية محددة. وبما أن الأنظمة في كل مكان لا تقوم إلا على هذه العوامل
فإن كل ما سواها، مثل العوامل الدينية والفكريّة والسياسية وغيرها، رديف
أو حتى هامشي إلا في حالات بعينها لأن جلّ البشر يريد أن يأكل ويشرب
ويتزاوج قبل أي شيء آخر، أي أنه يريد، باختصار، اشباع حاجات بطنه وفرجه.



وخلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين سجل عدد سكان الممالك المسيحية
في الأندلس ارتفاعاً كبيراً نتيجة ثلاثة أسباب رئيسة: الأول تدفق
المهاجرين الأوروبيين لاستيطان المناطق الجديدة التي احتلتها الممالك
الشمالية، والثاني نزوح جماعات من النصارى المستعربين الذين كانوا يقيمون
في الجنوب ثم فضّلوا الانتقال إلى الشمال لسبب أو آخر، والثالث ازدياد
ملحوظ في نسبة التزايد السكاني في الشمال بعد مرحلة من الاستقرار النسبي
التي أعقبت عجز قرطبة عن التصدي للشمال لانشغالها بالفتن الداخلية في عهدي
الولاية والأمارة.



وفي البداية كان التحرك الشمالي نحو الجنوب استجابة لحاجة ملحة اقتضت
مزيداً من الاراضي لاستيعاب العدد المتزايد من السكان، لكنه أصبح مع الزمن
سياسة مرسومة سارع ملوك الشمال إلى تطبيقها كلما ضعفت مقاومة الأندلسيين
خصوصاً عند نشوب الحروب الأهلية أو شيوع الفتن. وحيثما تمكن ملوك الشمال
من تحقيق مكاسب جديدة على الأرض عمدوا بسرعة إلى إسكانها ليساهم
المستوطنون في الدفاع عنها وابقائها بيد الشماليين.



وبحلول بداية العقد الثاني من القرن العاشر الميلادي كان ملوك أسترياس
بسطوا سلطانهم على خُمس آيبرية فحققوا مطالب السكان الذين كانوا ينظرون
إلى الملوك في تلك الحقبة من الزمن على أنهم مفتاح الخير والثراء. إلا أن
هذا لا يستثني وجود عوامل أخرى ساهمت في الاندفاع نحو الجنوب مثل الجفاف
أو المجاعة أو السعي إلى تحقيق انتصار إضافي لنصرة الدين أو إبعاد الأنظار
عن المشاكل الداخلية وغيرها من الأسباب التي كمنت دائماً وراء نشوب الحروب
في العالم، وفي صورة لا تختلف كثيراً عما يحدث اليوم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:27 am

تتصف المناطق الجبلية التي قامت
فيها الممالك الشمالية بوعورتها وفقرها وقلة خصوبتها مما يفسر سبب تجنّب
معظم الغزاة الذين دخلوا آيبرية هذه التخوم منذ أقدم العصور. وعكس اقتصاد
الممالك الشمالية الأولى أوضاعها الجغرافية والمناخية فتألفت عناصره
الأساسية من تربية الماشية والاتجار بالصوف الخام والتجارة المحدودة وبيع
العبيد الصقالبة إلى أن فتح ضعف الأندلسيين بوابة هائلة أمام مصدر لا ينضب
من الثروة التي تدفقت على الشمال. ولم يملك الشماليون في أي وقت من
الأوقات التي سبقت القرن العاشر قوة كافية لاكتساح الجنوب.



والسبب ليس عسكرياً فقط لأن الشماليين ما كانوا سيتوغلون في الجنوب كثيراً
حتى لو قدروا وحسبهم إذ ذاك السعي إلى الإغتراف من ثروة الجنوب. وعندما
بدأ الشماليون النزول إلى سهول نهر دويرة وجدوا الأراضي الخصبة لكن قسماًً
كبيراً منهم كان ينأى عن مزاولة هذه الحرفة وظل هكذا في القرون اللاحقة.
أما الخيار الأسهل من صنع الثروة فهو اقتناصها لكنّ اقتناصها لم يكن
ممكناً قبل الوصول إلى تخوم وديان النهر الكبير حيث الثروة الأندلسية
الكبيرة. وهذا ما حدث في صورة ملفتة أيام ملوك الطوائف عندما صارت الأندلس
»بنك« ملوك الشمال يتلقون منه التحويل بعد الآخر في أوقات معلومة ويلوّحون
بسيوفهم كلما تأخّر فيأتيهم متعجلاً نفسه حتى باتت الجزية أكبر مصدر دخل
للممالك الشمالية.



وماذا كان ملوك الشمال يفعلون بكل ذلك المال؟

كانوا ينفقون جزءاً منه على بناء القصور وتجميلها بأيد أندلسية في حالات
كثيرة، وكان جزء منه يتسرب إلى العامة إلا أن جزءاً كبيراً كان يُصرف على
الجيش والمرتزقة، أي في الاستثمار في أدوات الحصول على مزيد من الجزية.
وكان ملوك الطوائف في معظم سنوات القرنين الحادي عشر والثاني عشر يرشون
الشمال خوفاً على عروشهم، إلا أنهم كانوا في الوقت نفسه يغذّون الحرب ضدهم
صاغرين. وإذا اخذنا في الاعتبار المبالغ الهائلة التي دفعها ملوك الطوائف
لقشتالة فربما أمكن القول إن العصور الوسطى لم تعرف إلا في حالات قليلة
جداً وضعاً يماثل وضع الملوك الأندلسيين الذين وجدوا أنفسهم يموّلون الحرب
ضد أنفسهم بأموال الشعوب التي حكموها.



وخلال القرنين المذكورين والعقد الأول من القرن الثالث عشر دخل الشمال
والجنوب في الأندلس في حلقة عجيبة فصار التهديد بالحرب ضد الجنوب يغذّي
الخزائن في الشمال ثم تعود الخزائن فتغذي التهديد بالحرب. وكلما ازدادت
نفقات التهديد ازدادت الجزية وهكذا تسارع انتقال الثروة من الجنوب إلى
الشمال وعجز ملوك الطوائف عن دفع المستحقات وبدأ غش العملة والتلاعب
بأوزانها.



وماذا يحدث عندما يتوقف البنك عن إرسال التحويلات؟



يعلن متلقي التحويلات الإفلاس أو يفتّش عن مصدر آخر. وأحياناً يحدث شيء
ثالث مختلف تماماً فيذهب الشخص الذي كان يتلقى التحويلات إلى البنك بنفسه
ويستولي عليه كاملاً غير منقوص. وهذا ما فعله ألفونصو السادس عندما ذهب
بنفسه إلى واحدة من أغنى مدن الأندلس هي طليطلة وأخذها عنوة، وحلتّ محل
سياسة استدرار الثروة من مصادر الثروة سياسة جديدة قامت على الاستيلاء على
مصادر الثروة نفسها
كان المجتمع الأندلسي في القرن
الخامس الهجري مزيجاً من الأجناس, اذ امتزج العرب بالمولدين والصقالبة
والبربر والزنوج واليهود. ورغم هذا الاختلاف العرقي فقد استطاعت الثقافة
العربيّة أن تحافظ على وحدتها.







مظاهر من الحياة اليومية للسكان





اشتهر أهل الأندلس بحبهم للنظافة في ملبسهم ومأكلهم وفرشهم, وكل ما يتعلق
بهم "وفيهم من لا يكون عنده إلاّ ما يقوته يومه, فيطويه صائماً, ويبتاع
صابوناً يغسل به ثيابه, ولا يظهر فيها ساعة على حالة تنبو العين عنها"(1)



واعتاد سائر الناس أن يسيروا في الشوارع ورؤوسهم عارية, أما الفقهاء
والقضاة فالغالب عليهم وضع العمائم في غرب الأندلس, أما في الشرق فيرى
القاضي أو الفقيه عاري الرأس ويندر أن يتعمّم. ويلبس الخاصّة منهم
الطيلسان, أما غفائر الصّوف فكانوا يلبسون الخضراء والحمراء منها, حيث
اختص اليهود بلبس الصّفراء, ولا سبيل لليهود أن يتخذوا العمائم ولا يجوز
أن يرخي الذّؤابة إلاّ عالم.



وكانت الأوضاع التي تلبس بها العمائم في المشرق غير معروفة عند الأندلسيين
فإذا رأوا مشرقياً أظهروا التعجّب والاستطراف, وكانت ثيابهم تفصل على
طريقتهم الخاصّة حيث لم تكن الطريقة المشرقية في تفصيل الثياب متبعة
لديهم(2).



وكانت منازل الأندلسيين لا تختلف كثيراً عن بقيّة المنازل في العالم
الإسلامي وكانوا يستعملون في بنائها الآجر والحجر, وكان للحجر عندهم أنواع
منها الخمري والأحمر والأبيض, وكانوا يجعلون لبيوتهم جدراناً عالية, أمّا
الأبواب والنوافذ فكانت صغيرة, وكانوا يحرصون على أن يكون للبيت ساحة
واسعة.



وكان لسكان الأندلس عدّة هوايات يمضون بها أوقات فراغهم, فقد كانوا ينظمون
سباقات الخيل, ويقيمون مباريات بين الفرسان وهم يتقاذفون كرة خشبية, كما
كانت مباريات المصارعة بالعصيّ تحظى لديهم بالعناية, وكان اللّعب بالشطرنج
والنّرد رائجاً عندهم رواجاً كبيراً(3)



وقد اشتهر الأندلسيون ببراعتهم وحذقهم وذكائهم وثباتهم وصمودهم في الحروب
مع أعدائهم ومواظبتهم على التعلم والتحصيل وحيويتهم وخفّة دمهم وكانوا
شديدي التعصب لبلادهم, نرى ذلك من أنسابهم, فلا نكاد نجد عالماً ولا
أديباً إلاّ وينسب لبلده(4)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:29 am

المرأة الأندلسيّة :

عاشت المرأة الأندلسيّة في القرن الخامس الهجري وضعاً يكاد يكون صورة لوضع
أختها في المشرق العربي; فقد سيطرت العادات المشرقية على المرأة
الأندلسية, ولكن هذا لم يحرمها من أن تتمتع بحريّة في حدود المعقول, فقد
كانت تخرج للصلاة يوم الجمعة, وبعد الانتهاء من الصلاة كانت ترى في شوارع
المدينة تمضي يوم عطلتها في بهجة ومرح, كما كانت تشترك في الحفلات التي
تقام في إشبيلية على ضفاف الوادي الكبير.



ابن حزم قصصاً كثيرة عن المرأة في ذلك العهد, تصوّر حياة المجتمع والدّور
الذي احتلته المرأة فيه, فيورد كثيراً من قصص النساء ذوات الشرف وكيف كنّ
يتعلقن بحب رجال من عامّة الناس, ويتم تبادل الرسائل بينهم, وكثيراً ما
كان أمرهنّ يفتضح لدى الناس ويسمع به القريب والبعيد.



ويبدو أن أثر المرأة في المجتمع كان كبيراً, فقد استطاعت أن تسيطر حتى على
كبار الأئمة وتميل قلوبهم وتجعلهم سخرية, وامتد تأثيرها الى أكثر من ذلك
إذ أنها كانت سبباً في جنون بعض الرجال ممن اشتهروا بحسن سيرتهم وأدبهم(6).



ومن النساء من استطاعت أن تملك قلوب الملوك, وتلج إلى قصورهم, وتصبح سيدة
القصر الأولى. فقد تمكّنت "اعتماد" المشهورة بالرّميكيّة بفضل ذكائها
وفطنتها أن تكون زوجة للمعتمد بن عباد ملك اشبيلية وأمّا لأولاده.



وقد كانت المرأة في هذا العهد على قدر كبير من الفطنة والعلم, فابن حزم
العالم الفقيه قد تعلّم على أيدي النساء في صباه: "وهنّ علمنني القرآن
وروّينني كثيراً من الأشعار ودرّبنني في الخط"(7).



ومن النساء اللّواتي اشتهرن بالعلم والأدب "العبادية" التي أهداها مجاهد
العامري ملك دانية إلى المعتضد بن عباد والد المعتمد, فقد كانت أديبة
ظريفة, كاتبة وشاعرة عالمة بكثير من علوم باللّغة. كما اشتهرات بثينة بنت
المعتمد بن عباد وابنة الرّميكية بجمالها وحلاوة نادرتها ونظمها للشعر.
وكانت مريم بنت يعقوب الأنصاري تعلّم النساء الأدب. أما نزهون الغرناطية
فقد اشتهرت بجمالها وخفة دمها, وحفظها للشعر والأمثال

صفات المجتمع الأندلسي في القرن الخامس:

أسرف ملوك الطوائف في الترف, وتفننوا في صنوف من البذخ, فهذا المعتمد بن
عباد ملك إشبيلية يرى زوجته "اعتماد" وهي تطل من شرفات القصر ترقب سقوط
الثلج فأجهشت بالبكاء, فسألها المعتمد عن حالها فأخبرته بأنها تحنّ إلى
منظر سقوط الثلج, وتريد أن تسافر إلى بلد يكثر فيه سقوط الثلج لتمتع
ناظرها بجمال الطبيعة الفاتنة, فطمأنها المعتمد بأنها سترى هذا المنظر في
الشتاء القادم في ذلك المكان نفسه. وأصدر أمره في الحال أن تغرس أشجار
اللّوز في حدائق القصر حتى إذا أزهرت في فصل الشتاء بدت زهراتها البيضاء
في عين "اعتماد" كقطع الثلج تجلّل أغصان الأشجار.



ورأت نسوة من العامّة يعجن الطين لصنع اللّبن, فأثر فيها المنظر وبكت,
فلما رآها المعتمد باكية سألها عن السبب, فأخبرته بأنها مقيّدة الحريّة لا
تستطيع أن تفعل فعل هؤلاء النسوة, فأمر في الحال بإحضار مقدار كبير من
المسك والعنبر وبعض الأعطار فعُجن كل ذلك الى أن أصبح عجينة في حجم تلك
التي كانت تعجنها النسوة, فنزلت "اعتماد" إلى مساحة القصر هي وجواريها,
وخلعن نعالهن وصرن يعجن بأقدامهن ذلك الطين المصنوع من المسك(9) وطابت نفس
"اعتماد" بذلك!



وكان المعتمد ينفق على الشعراء بدون حساب حتى إنه ليخلع على الشاعر منهم
خلعاً لا تصلح إلاّ للخلفاء. ومضى المعتمد وكثير من ملوك الطوائف في حياة
الترف والمرح, لا ينفقون في مهام الدولة إلاّ القليل من وقتهم, وقد كانت
الولائم الكثيرة ومجالسة الشعراء وعقد مجالس الشرب, واللهو مع القيان
والجواري تستنفد كثيراً من أموالهم ووقتهم.



وكانوا يبنون القصور, وينفقون في هندستها أموالاً باهظة في سبيل تحقيق
متعهم; فهذا المأمون بن ذي النون ملك طليطلة يشيّد قصراً عظيماً أنفق عليه
الأموال الطائلة ووضع في وسطه بحيرة, "وصنع في وسط البحيرة قبة من زجاج
ملوّن منقوش بالذّهب, وجلب الماء على رأس القبة بتدبير أحكمه المهندسون,
فكان الماء ينزل من أعلى القبة على جوانبها محيطاً بها ويتّصل بعضه ببعض,
فكانت قبة الزجاج في غلالة مما سكب خلف الزجاج لا يفتر من الجري, والمأمون
قاعد فيها لا يمسّه من الماء شيءٌ ولا يصله, وتوقد فيها الشموع فيرى لذلك
منظر بديع عجيب"(10)



وقد كان كل ملك من هؤلاء الملوك يحاول أن يجعل من مملكته ملتقى للشعراء
والأدباء والمغنّين, ونشطت بذلك تجارة الرقيق, واجتهد النخّاسون في تعليم
الجواري الرّوميات الغناء, وضروباً أخرى من الثقافة لترتفع أجورهنّ. وكثر
الطلب على الجواري المغنيات فقد دفع هذيل بن رزين صاحب السهلة في جارية
ابن الكتاني ثلاثة آلاف دينار(11). وكثر المغنون في بلاطات الملوك, وكان
في قصورهم أسراب منهم, حتى إن المعتمد بن عباد كان يصحب الموسيقيين معه
أثناء حملاته الحربيّة(12).



ولم يقتصر شيوع الغناء على بلاطات الملوك فقط, بل شاع في أوساط العامّة,
فها هي بلنسيّة "لا تكاد تجد فيها من يستطيع على شيء من دنياه إلاّ وقد
اتخذ عند نفسه مغنّية وأكثر من ذلك, وإنما يتفاخر أهلها بكثرة
الأغاني"(13).



وكانت مجالس الغناء لا تخلو من الشراب,وكانوا لا يستطيعون الجهر بذلك في
عهد الأمويين, أما في عهد ملوك الطوائف فقد أصبح الخمر شائعاً في مجالسهم
لضعف الوازع الديني, وبذلك استسلم المجتمع للشهوات فزاد ضعفاً(14).



ولجأ الملوك من أجل إرضاء نزواتهم وتحقيق لذاتهم إلى إثقال كاهل رعاياهم
بالضرائب, فهذا مظفر ومبارك العامريان حاكماً بلنسية قد انغمسا في النعيم
الى قمة رأسيهما, وذلك على حساب الرعيّة فقد كانا " يستزيدان عليها في
الوظائف الثقال... حتى غدا كثير منهم يلبسون الجلود والحصر ويأكلون البقول
والحشيش وفّر كثير منهم من قراهم"(15)



وفرضت في عهد الطوائف أنواع من الجباية على الرعيّة, وفرضت المغارم على
الأهالي, حتى الحجاج لم ينج من دفع مغارم في موسم الحج, إلى أن أبطل ذلك
يوسف بن تاشفين بعد دخوله الأندلس وقضائه على ملوك الطوائف(16)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:29 am

وقد كان موظفو الدولة ممن يتولّون
شؤون الرعيّة لا يراعون الشرع ولا همّ لهم إلاّ أن يزدادوا ثروة وخاصة
أولئك الذين أُوكلوا بجمع الضرائب ومراقبة الناس, فابن عبدون يصف أعوان
صاحب المدينة بأنهم شر الناس ولا يجب أن يصدّق كلامهم إلاّ إذا شهد على
ذلك الجيران "لأن الشر أحب إليهم من الخير, فمنه يأكلون ويلبسون السحت,
ومنه يعيشون,وليس للخير اليهم طريق, يجب ألا يخرج منهم في رسالة في
المدينة أكثر من واحد لئلا يكثر الجعل والهرج والأذى"(17).



وفي ظل هذا الحكم اضطرب المجتمع الأندلسي, وانتكست مثله, واشتد الغلاء
وانتشرت الأوبئة وعمت الكوارث, فقد كانت رحى الحروب تعصف بالرعيّة, وانعدم
الاستقرار والأمن وفسدت أخلاق الناس, واستبيحت المحرّمات, وهتكت الأستار,
ونقضت شرائع الدّين, وفسدت نفوس الحكّام والمحكومين حتى إنه لم يعد يعلم
في الأندلس درهماً أو ديناراً حلالاً(1



وقد حاول المرابطون بعد دخلوهم الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين سنة 495 هـ,
وقضائهم على ملوك الطوائف, أن يوفروا الحياة الهادئة للمجتمع الأندلسي,
ويحاربوا كثيراً من مظاهر التفكك والانحلال الاجتماعي.


منقول لتعم الفائدة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مدير المنتدى
المدير
المدير
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 825
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1005867

ملوك الطوائف فى الاندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملوك الطوائف فى الاندلس   ملوك الطوائف فى الاندلس Icon_minitimeالخميس 25 سبتمبر 2008, 2:31 am

المصدر:



الروض المعطار في خبر الأقطار



نفح الطيب



ديوان المعتمد بن عباد


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ملوك الطوائف فى الاندلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم بلا حدود magex007 :: منتــــديـات التـــاريــــخ :: منتـــــدى التـــاريــــخ-
انتقل الى: