التكافل الاجتماعي في الاسلام(الجزء الثالث)

مسئولية الدولة:

وإذا كان الإسلام قد أعطى عناية كبيرة لوسائل التكافل الفردية فإنه لم
يكتف بها بل أقام إلى جانبها الوسائل العامة التي جعلها من مسئولية الدولة
ومن واجباتها الاجتماعية, ومن أهم هذه الوسائل:

1- تأمين موارد المال العام:

وذلك باستثمار المحيط الطبيعي للدولة وما ينطوي عليه من ثروات باستخراج
معادن الأرض وكنوز البحار وكافة الثروات التي أودعها الله تعالى في الكون,
واستخلف فيها الإنسان, وجعله سلطاناً على تسخيرها والانتفاع بها في حياته؛
ليتحقق أقصى حد للرفاهية الاجتماعية الشاملة التي لا تقتصر على فئة دون
فئة أو مجال دون آخر.

ولو أن كل دولة قامت بواجبها في هذا المجال, ووزعت نتائج هذه المصادر
بالقسط -خدمات عامة وفرص عمل- لأقبلت المجتمعات الإنسانية كلها على نهضة
جبارة.

2- إيجاد فرص عمل للقادرين عليه:

وذلك بالبحث عن أفضل الحلول لمواجهة البطالة, وبإقامة المشاريع البناءة
التي تساهم في النهضة العامة, وتوفر في ذات الوقت فرص العمل للأيدي
العاطلة بعدالة تامة, ومراعاة للحاجات العامة, وإعطاء الأولوية للفئات
الفقيرة المحرومة, ونذكر هنا تلك الحادثة التي لها دلالتها حيث جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه درهماً, وأمره أن يشتري به
فأساً ويذهب إلى الغابة فيحتطب ويأتيه بعد فترة, فلما جاءه أخبره أنه وفر
قدراً من المال لحاجته, وتصدق بالبعض الآخر, فقال صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي
رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه"(22).

3- تنظيم وسائل التكافل الفردي:

فالدولة مسئولة عن تنظيم الوسائل الفردية للتكافل -سابقة الذكر- وخاصة
الزكاة والوقف, وذلك بإقامة السياسات اللازمة لتحقيق أهداف تلك الوسائل,
المتمثلة في القضاء على الفقر وتقريب الهوة الاجتماعية بين الموسرين
والمحرومين, وإيجاد الضمانات اللازمة لتحقيق ذلك, وفي هذا السياق يأتي
الأمر في القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن يقوم بالولاية
العامة على المسلمين من بعده: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتالله
ساللهنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: 103].

فعندما يتعرض المجتمع لأوضاع غير عادية يصل فيها التفاوت الاجتماعي إلى حد
غير مأمون وتعجز الدولة بمواردها العامة عن تلبية الحاجات الاجتماعية, وعن
القيام بوظائفها وواجباتها تجاه المجتمع, فلا مانع -بل يجب- في رأي معظم
فقهاء الإسلام أن تفرض الدولة في أموال الأغنياء ما يحقق ذلك, حتى تعود
الأوضاع إلى حالتها السوية, على أن تكون في ذلك قوامة بالقسط, وأن تكون
الدوافع الحقيقية هي خدمة الصالح العام.



[size=16]نقل عن/جامعة الايمان/ الجمهورية اليمنية
اعداد وتقديم /رياض القاسمي.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) - أخرجه مسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 02586

(2) - التكافل الاجتماعي, نقلاً عن موقع: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 0

(3) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2179, برقم: 5442, ومسلم في صحيحه 1/103, برقم: 0109

(4) - أخرجه البخاري في صحيحه 1/304, برقم: 853, ومسلم في صحيحه 3/1459, برقم: 01829

(5) - أخرجه البخاري في صحيحه5/1958, برقم: 4802, ومسلم في صحيحه2/1086, برقم: 01466

(6) - أخرجه ابن ماجة في سننه 1/632, برقم: 1967, وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 3/20, برقم: 01022

(7) - أخرجه الترمذي في سننه3/446, برقم: 1162, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/573, برقم: 0284

( - المرجع السابق 5/709, برقم: 3895, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/575, برقم: 0285

(9) - أخرجه أحمد في مسنده 2/187,برقم: 6756, وحسن إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.

(10) - أخرجه البخاري في صحيحه 1/182, برقم: 467, ومسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 2585 0

(11) - أخرجه مسلم في صحيحه 4/1999, برقم: 2586 0

(12) - أخرجه البخاري في صحيحه 2/882, برقم: 2361 0

(13) - أخرجه الترمذي في سننه 4/321, برقم: 1919, وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 5/230, برقم: 2196 0

(14) - أخرجه البخاري في صحيحه5/2240, برقم: 5670, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 46 0

(15) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2240, برقم: 5673, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 47 0

(16) - أخرجه البخاري في صحيحه 5/2273, برقم: 5785, ومسلم في صحيحه 1/68, برقم: 047

(17) - أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 1/259, برقم: 751, وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 05505

(1 - أخرجه مسلم في صحيحه 3/1255, برقم: 01631

(19) - أخرجه ابن ماجة في سننه 2/904, برقم: 2709, وأحمد في مسنده 6/440,
برقم: 27522, وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 2/111, برقم: 2190 0

(20) - أخرجه البخاري في صحيحه 1/435, برقم: 1233, ومسلم في صحيحه 3/1250, برقم: 01628

(21) - أخرجه الطبراني في الأوسط 7/190, برقم: 7240, وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم: 05315

(22) - أخرجه البخاري في صحيحه 2/535, برقم: 1401 .


تم بحمد اللة